الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 مجالس عاشوراء

 صور عاشوراء

 مواقع عاشوراء

اتصل بنا

 

 

في ذكرى وفاة النبي الأكرم (ص): تأملات أولية حول المسؤولية الإسلامية

بقلم: المهندس غريبي مراد عبد الملك*

"ومـا محمَّدٌ إلاَّ رسولٌ قد خلت من قبلِـهِ الرُّسُـلُ أفإن مات أوقتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يَضُرَّ اللّه شيئاً وسيجزي اللّه الشَّاكرين" (آل عمران/الآية 144)

نزلت هذه الآية استقراءا للتطورات التي حصلت في غزوة احد وكانت بمثابة استشرافا لما حصل في مثل هذا اليوم (الثامن والعشرون من شهر صفر) انتقل النبي الأكرم سيد المرسلين وأبوالأطهار حبيب الله (ص) إلى رحاب ربه، حيث نلتقي عبر هذه الذكرى الأليمة من  الزمن الإسلامي  بالكثير من الإشكالات الإسلامية، التي طمست في ركام التاريخ الإسلامي لا لشيء سوى لأنها مدخل الفصل في أزمة النهوض الإسلامي، فقراءتنا لهذا الحدث الإسلامي العظيم عظمة من بلغ رسالة الإسلام وكان على خلق عظيم كما نعته الباري عزوجل، فمن المرفوض تماما أن يرحل هذا العظيم المتواضع الذي كلما أشار إليه المادحون ذكرهم بأنه عبد الله بن عبد الله، كما ليس مقبولا تماما أن نوحي للمسلمين في هذا الزمن المعاصر بأن رسول الله المصطفى (ص) فضل الرحيل لآفاق الطهارة والصفاء والمحبة اللطيفة العابقة بنسائم الرحمة والراحة الدائمة، دون أن يرشد أمة عظيمة كأمة الإسلام لمن يقودها بعده صلى الله عليه وآله وسلم...

وكيف نفسر ما نقله لنا المؤرخون بكل مذاهبهم؟ ثم  ماذا لواستجمعنا المادة التاريخية  الخاصة بمرض  النبي الأكرم (ص)  ثم وفاته صلوات ربي عليه وآله  وسلامه إلى غاية تعيين الخليفة الأول في سقيفة بني ساعدة، وراجعنا كل هذا بموضوعية ودون خلفيات وبحثنا عن مسؤولية النبي وقيمته الحقيقية في المنطق القرآني وتماشيا مع دوره القيادي خلال كل مراحل الدعوة والجهاد وبناء الدولة الإسلامية ناهيك عن موقعيته الرئيسية في الطيف الرسالي منذ آدم عليه السلام؟

لا أريد جوابا كأجوبة الطلاب في المدارس والحوزات أوالمفكرين في الفضائيات ولا حتى العلماء في المنابر والمجالس، لأن المسألة أعظم  من جواب شفهي ليس من السني فقط بل حتى الشيعي، لأن الإنتماء الذي يوحي لنا بإلزامية الدفاع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لابد أن يؤسس لقاعدة دفاعية من داخل المنظومة الثقافية الإسلامية، التي لوطفنا في أروقتها لوجدنا هي أول من ظلم النبي (ص) منذ وفاته صلى الله عليه وآله وسلم، ولذلك تجرأ الآخر الكافر الحاقد على محمد (ص) والرسالة المحمدية وحاول تشويه هذا الإبداع الرباني في شخصية النبي الأكرم (ص) ورسالته الخالدة التي تقدم في كل محنة درسا حضاريا إنسانيا عظيما للإنسانية جمعاء على انها منهج الحياة الكريمة...

سيدي يا رسول الله، سنبقى على العهد معك  فشهادتنا بوحدانية الله تبارك وتعالى ورسوليتك  سنجاهد لأن تكون واقعا مشرفا طاهرا من الجهل والتخلف والحقد والشرك والضلال والسباب والحماقة والحسد، سنصمد على بيعة ما تركت لنا من الثقلين، رغم كل الضوضاء الإستكبارية وبغي إخواننا علينا،  سيدي سنصمد على ولاية الأطهار عليهم السلام، سنبحث في كل وجودنا عن دلائل الغيب الشاهد لنستمد منه الرشد الإسلامي، بكينا اليوم بأبي وأمي أنت يا رسول الله، لكن البكاء الذي يرضيك عنا يوم نلقاك إخوانا ينصر الواحد منا أخاه لا كما خشيت عنا نقطع رقاب بعض، سنصبر على غير هذا الزمان ونتأمل في سيرتك الطاهرة النقية العظيمة لنبتهل لله تعالى في كل صلاة متضرعين...

 اللهم إنا نشكوإليك فقد نبينا وغيبة ولينا...

عودا للبدء أيها المسلمون الراشدون الرشد الإسلامي المتحكم في العنوان المذهبي في حياتكم، هل جميل ما نحن نعيشه على طول الزمان من فوضى في بيتنا الإسلامي الكبير ؟ هل هذا هوالإسلام الذي جسده النبي الأكرم (ص) رحمة عالمية؟ لماذا نتسمى بمحمد، هذا الإسم العظيم ثم نشوهه إما في ميادين المجون أوفي مجالس الحقد والإجرام وفي ساحات الفتنة، بالله عليكم أليس هذا ظلم لرسولنا الأكرم (ص)؟أين هي مسؤوليتنا الإسلامية ؟ إنها أسئلة محرجة  كونها جوهرية توحي بأخطاء إنسانية أورثت أمة برمتها الإخلاد إلى الأرض  وانغمست في القيم المادية حتى أصبحت الصفة الإسلامية من مضامين التراث أوالتقاليد، حيث المسلمون عبر الزمن الإسلامي ومنذ المنعرج الخطير الذي واجهته الأمة ساعة رحيل النبي الأكرم(ص) لم يتنافسوا على وعي الإسلام بل على خصصته لمصالحهم وأهوائهم فاختلطت الأمور وتسارعت وتيرة الخيانات  باسم الإسلام حتى صادفنا ركاما فخيما بالسواد السياسي والمكر الإنساني والإجرام الإستكباري... 

هنا لابد أن تتراص الصفوف وتتشاور العقول وتتآلف القلوب، هنا في مركز ثقل المحنة يجب أن نبدأ بحل العقد التاريخية لنحرر عقلنا الإسلامي من ضبابية العجب وقهر الهوى وحرارة الموروثات، لنحدث الناس عن الحقيقة لنزور رسول الله من خلال التاريخ الصحيح فنسمع بماذا أوصى  ولمن وكيف وماذا؟؟؟

ليس صعبا لمن يطلب  درجة عالية في الجنة وليس صعبا لمن دخل الإسلام بفطرته وليس بالرجال فيخرجونه كما ادخلوه أول مرة...

لنكن الإنسان المسلم الذي يدرك لماذا تسنن أولماذا تشيع ؟ قبل أن يفتح  جهاز التلفزيون ليتابع حصة طائفية أومناظرة تخلفية....فقبل أن تصلي لابد أن تتوضأ الوضوء الصحيح وقبل أن تتوضأ لابد أن تختار الماء الطاهر والمكان الطاهر وحراك المسلم لابد أن يكون كله صلاة لله فالله لم يخلقنا إلا لعبادته فهل نحن عباده في أوقات الصلاة –إن خشعنا طبعا- وبعدها نحن علمانيون طائفيون وحوش في صور آدمية وفي رمضان ليس لنا من صيامه سوى الجوع والعطش وبعد  الحج  نعود لأهلنا لنحدثهم عن تخلف الشيعة وعن تخلف السنة والإستكبار من حولنا يضحك لأنه يجني ثمار الصراع والحقد بين المسلمين دون أية تكاليف...

إنه الحق المر، الذي أفرغت منه قطرة على حجر ساخن ولست أبالي إن لم يبق لي صديق...

نافلة القول عظم الله أجوركم وأجورنا وجعلنا مسلمين حقا مستمسكين بالثقلين إلى يوم الدين...   

و"الحَمْدُ لله الّذِي مَنَّ علَيْنَا بمُحَمَّدٍ نبِيِّه ـ صلَّى الله عليْه وآلِهِ ـ دُونَ الأمَمِ المَاضِيَةِ، والقُرُونِ السّالِفَةِ، بقُدْرَتِهِ الّتي لا تَعْجَزُ عَنْ شَيءٍ وإنْ عَظُمَ، ولا يَفُوتُهَا شيءٌ وإنْ لطُفَ، فخَتَمَ بِنَا علَى جَميعِ مَنْ ذَرَأ، وجَعَلَنا شُهَداءَ عَلَى مَنْ جَحَدَ، وكَثَّرَنَا بِمَنِّه عَلَى مَنْ قَلَّ.

اللهُمّ فصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ أمِينِكَ عَلَى وَحْيِكَ، ونَجيبِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وصَفِيِّكَ مِنْ عِبَادِكَ، إمَامِ الرَّحْمَةِ، وقائِدِ الخَيْرِ، ومِفْتاحِ البَرَكَةِ، كَمَا نصَبَ لأمْرِكَ نفْسَهُ، وعَرَّضَ فِيكَ للْمَكْرُوه بَدَنَهُ، وكَاشَفَ في الدُّعاءِ إلَيْكَ حَامَّتَهُ، وحَاربَ في رِضاكَ أُسْرَتَهُ، وقَطَعَ في إحْياءِ دِينِكَ رَحِمَه، وأقْصَى الأدْنَينَ عَلى جُحُودِهِم، وقَرَّبَ الأقْصَيْنَ على اسْتِجابَتِهِم لَكَ، وَوَالى فِيكَ الأبْعَدينَ، وعَادَى فيك الأقْرَبينَ...

وأدْأبَ نفْسَهُ في تَبْليغِ رِسالتِكَ، وأتْعَبَها بالدُّعاءِ إلى ملَّتِكَ، وشَغَلَها بِالنُّصْحِ لأهْلِ دَعْوَتِكَ، وهَاجَرَ إلى بِلادِ الغُرْبَةِ ومَحَلِّ النَّأيِ عَنْ مَوْطِنِ رَحْلِهِ، ومَوْضِعِ رِجْلِهِ، ومَسْقَطِ رأسِهِ، ومأنَسِ نفْسِهِ، إرادَةً مِنْهُ لإعْزازِ دِينِكَ، واسْتِنْصاراً على أهْلِ الكُفْرِ، حتّى اسْتَتَبَّ لهُ ما حاوَل في أعْدائِكَ، واسْتَتَمَّ له ما دَبَّر في أوْلِيَائِكَ، فنَهَدَ إلَيْهِمْ مستَفْتِحاً بِعَوْنِكَ، ومُتَقّوِّياً علَى ضَعْفِهِ بِنَصْرِكَ، فغَزَاهُم في عُقْرِ دِيارِهِم، وهَجَمَ علَيْهِمْ فِي بُحْبُوحةِ قرَارِهِمْ، حتّى ظَهَرَ أمْرُكَ وعلَتْ كَلِمَتُكَ ولَوكَرِهَ المُشْرِكُون...  

اللَّهُمّ فارفعْهُ بما كَدَحَ فِيكَ إلى الدَّرَجَةِ العُلْيا منْ جَنَّتِكَ، حتّى لا يُساوى في منْزِلَةٍ، ولا يُكَافأَ في مرْتَبَةٍ، ولا يُوازِيه مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، ولا نَبِي مُرْسَلٌ، وعَرِّفْهُ في أهْلِهِ الطّاهِرينَ، وأُمَّتِهِ المؤمنين من حُسْنِ الشّفاعَةِ أجَلَّ ما وعدْتَهُ، يا نافذَ العدةِ، يا وافِيَ القَوْلِ، يا مُبَدِّل السِّيِّئاتِ بأضْعافِهَا مِن الحَسَناتِ، إنَّكَ ذوالفضلِ العَظيم، الجَوَادُ الكَرِيم..."

* (كاتب وباحث إسلامي جزائري)

شبكة النبأ المعلوماتية / ملف عاشوراء 1428هـ