نبض الإنسانية الخالد..

كتب عاشوراء

 صفحة عاشوراء

المرجعية الدينية

شارك في الكتابة

مجلة النبأ

الصفحة الرئيسية

   

 العودة الى فهرس الكتاب

 

الثقافة الحسينية/ الفصل الرابع: نظرات نقدية في أدوات الثقافة الحسينية

مأسسة الحسينيات

 

لم يكن اصطلاح (المؤسسة) في أوائل القرن العشرين من قبل علماء الاجتماع الغربيين إلا وعياً للدور الفاعل الذي من الممكن أن ينجزه هذا الشكل التنظيمي في البناء المجتمعي، وقد كان هذا التوجه بفعل تلمس  الحاجة للعاملين لسمة الديمومة في المشاريع التي كانت تمتلك المنطلقات والأهداف وتنقصها الآليات السليمة والفاعلة والدائمة، فكانت فكرة (المؤسسة) سدّاً لذلك النقص والفراغ.

ومن قبل وجهنا الإسلام للتفاعل مع العمل الجماعي، حيث يكون محط بركة الله كما يقول الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) : (يد الله مع الجماعة)، ودعوة للتعاضد كما في الآية الكريمة : {وتعاونوا على البر والتقوى}، وتوجيهاً نحو التنظيم، كما جاء في وصية الإمام علي (ع) : (الله الله في نظم أمركم)، وفي نظرة رابطة و تنظيمية لهذه المفاهيم تتبلور في أذهاننا فكرة (المؤسسة) في نظر الإسلام.

وتأسيساً على ما سبق فإن من الأهمية بمكان العمل على تطوير مهام (الحسينية) لتدرج ضمن المؤسسات التي يحتاجها العمل المجتمعي، ويلح في طلبها خصوصاً في الوقت الراهن، وتندرج الحسينسة في تصنيف علم الاجتماع المعاصر تحت (المؤسسات الثقافية) التي تتناول القضايا الثقافية والدينية والفنية والتراث.. إذاً فـ (الحسينية) تتطابق مع مفهوم المؤسسة في هذا الجانب من عدّة وجوه :

 الأول: طبيعة التكوين، العمل الجماعي، وتوزيع الأدوار والمهام.

 الثاني: طبيعة الدور، حيث تعمل على تنمية المجتمع دينياً وثقافياً.

 الثالث: طبيعة الارتباط العقيدي والروحي، حيث أن هذا الأخير يساهم في تفعيل دور المؤسسة ويحافظ على ديمومتها من وجه، ويتفاعل المجتمع معها ويتقبّل توجيهها من وجه آخر، وذلك لشرعيتها عقدياً، وارتباط المجتمع بها روحياً، و هذه هي السمة الحضارية التي تفتقدها سائر المؤسسات في المجتمع المدني، والتي تعطيها بعداً إضافياً تدفع باتجاه الديمومة والمواصلة، آملين أن تكون الحسينيات في عصر المواجهة الحضارية والفكرية مناراً تضيء للناس دروبهم، خصوصاً أن المواسم التي تحيى في الحسينيات كثيرة، والمنابر أكثر من تلك الحسينيات، لأن لكل حسينية فترتان أو ثلاث فترات يصعد فيها الخطيب موجهاً ومعالجاً، فهي ثروة نحسد عليها، فما علينا إلا استثمارها لحاجياتنا الحضارية لنتمكن من التأثير في المجتمع، بهذا تكون الحسينية بالفعل مؤسسة ثقافية عصرية فاعلة.