ملحمة بطولة وجهاد عز..

عودة إلى صفحة عاشوراء >>

المرجعية الدينية

شارك في الكتابة

مجلة النبأ

الصفحة الرئيسية

 
 

الشهادة أسمى وسيلة للقربة منه تعالى

 

عن اللطيف الخبير في كتابه الحكيم: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون..)

الوسيلة: هي التوصل إلى الشيء برغبة، وعليه فالوسيلة النبيلة هي كل ما يتوصل به إلى مرضاة الله تعالى عن عمل وعمل. وهي التحقق بحقيقة العبودية، وتوجيه وجه المسكنة والفقر إلى جنابه تعالى، ففي الآية ينبهنا سبحانه وتعالى بعد الإيمان والتقوى إلى تلمس الوسيلة والأسباب الموصلة إلى منزلة القرب منه تعالى وهذا يؤدي بالتالي إلى صلاح القلب، وحياة الضمير، وينتهي إلى النجاح.

ومن أهم الوسائل الإسلامية المحببة إلى الله تعالى ما كانت مبنية على أساس ثابت من نعمة العبادة والطاعة له سبحانه، ثم اختيار أقرب الوسائل والعبادات إليه تعالى، وأفضل الطاعات ما أكرهت نفسك عليها، وأهم الطاعات ما خالفت الهوى، واتبعت الهدى، والطاعة غير مقرونة بالقناعة، ومن هنا تأتي الشهادة في عداد أفضل الوسائل فهي عبادة وطاعة وقربى وأهم الطاعات الحركية في الإسلام، وهي من أشرف الوسائل الجهادية الموضوعية، وأقربها وأقصرها وأضمنها، التي يتوصل بها الشهيد إلى مرضاة الله تعالى، لأنها عبادة وطاعة عملية خالصة، حيث تجمع بين العلم والعمل، والإيمان والطاعة، والقربى لله تعالى مع الرغبة في العمل والوعي والتحرك والقدرة على التنفيذ والشهادة عبادة متصلة بمفهوم الموت الواعي، والاستعداد الدائم إلى لقاء الله سبحانه وتعالى، وحب الالتحاق به، من أجل نصرة الحق، وإعلاء مكارم الشريعة في واقع الحياة العامة.

إذن نصل إلى نتيجة هي: أن الشهادة ليست هدفاً في ذاتها، ولا هي غاية في أصلها وتشريعها، وهي لا تُطلب لذاتها، من أجل الوصول إليها، وإنما يستعان بها كوسيلة شريفة للوصول إلى غيرها، ما هو أكمل منها، وأشرف وأطيب وأعز وأخلد.

ولو أصبحت الشهادة هدفاً وغاية، فلا تسمى حينئذ شهادة وإنما تسمى جهالة وبلادة وانتحاراً وإلقاء النفس في التهلكة وهي محرم بنص القرآن الكريم (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة).

فالإسلام يهب للشهداء الحياة والعزة والقوة، عندما تراق دماؤهم في سبيل الله، في ظروف موضوعية مناسبة، وكذلك يتأثر الإسلام وتقوى أركانه، ويزداد تأثيره في الأمة، عندما يهب الشهداء الأبرار جهادهم وأرواحهم ودمائهم في سبيل سقي شجرة التوحيد ونصرة العقيدة في واقع الحياة.

فالشهادة في سبيل الله تكشف عن قوة العقيدة التي يتمسك بها الشهيد، وهذه العقيدة تتمكن من تخليق طاقات خارقة وصادقة وصالحة، مما تعجز قدرة المبادئ الوضعية من خلقه.

من هذا المنطق كان الإسلام منهجاً ربانياً سامياً، وسراجاً إلهياً منيراً، ومصدراً متكاملاً للتربية والتعليم، وبالتالي: فهو هدف وغاية مقدسة في طريق الشهداء الكرام، الذين لا يمكنهم الاستغناء عنه، وإنما يستغنون به، والذين لا يرغبون عنه، وإنما يرغبون إليه، لأنهم عاشوا به، وتربوا عليه، وسعدوا معه..

والإسلام الذي شرعه الله تعالى رحمة للعالمين، ولإدارة وتوجيه شؤون الناس أجمعين، والذي يقود إلى كل خير، ولا حياة ولا اطمئنان إلا به، هو الذي يحرك حياة الأمة العامة، ويحث على الطاعة، ويدفع إلى الجهاد والتضحية، أيضاً هو الذي يحرك دور الشهداء الأبرار، ويجعله دوراً مبدئياً هاماً – في ظروف مناسبة – في صناعته المعادلة السياسية المتوازنة العامة، التي أسسها العدالة الإسلامية والحقوق الإنسانية المشروعة، ويكون دور الشهداء الأداة الإلهية لحراسة العقيدة، والقدرة والإدارة الربانية في حركة السنن التاريخية، وصمام أمان في تثبيت الرسالة المحمدية في المسيرة الإنسانية وحصانة العقيدة من الذوبان.

شبكة النبأ المعلوماتية/ ملف عاشوراء 1425هـ