ملحمة بطولة وجهاد عز..

عودة إلى صفحة عاشوراء >>

المرجعية الدينية

شارك في الكتابة

مجلة النبأ

الصفحة الرئيسية

 
 

الثورة الحسينية بين الشهادة والانتحار

 

عن الباري عز وجل في كتابه الكريم: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً، بل أحياء عند ربهم يرزقون).

إن الله تبارك وتعالى، أرسل الرسول الأكرم (ص) إلى الناس كافة، رحمة للعالمين، فإذا كان الإسلام عالمي المعنى، فعلى الإنسان الذي يتبناه أن يكون عالمي الذات، وعالمي المعنى معاً، و(سمو المعنى من سمو الذات).

لذلك فالإنسان، المؤمن الواعي، لا يكون ضيقاً في تفكيره، وتحركه، واهتمامه الإسلامي ولا يكون محصوراً ضمن قالب محدود، وفي دائرة الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه، فيتقيد عندها بالحدود والقيود الموضوعة.

فالإنسان المؤمن الواعي، صورة حقيقية جذابة، مستخرجة من واقع الإسلام العالمي، فهو يتحرك – بموازين دقيقة – داعياً الناس كافة إليه، على بصيرة من أمره ودينه، وهذا الدور الإسلامي العظيم، يصطدم بعقبات كثيرة وكبيرة كظلم الطواغيت، وبطشهم وجهل الهمج الرعاع الذين ينعقون مع كل ناعق، والإنسان المؤمن يواجه هذه العقبات وغيرها والتي لا يتحملها إلا من يتعامل مع حياة أسمى من مفاهيم هذه الحياة، ويتصل بقوة كبرى، أكبر وأقوى من كل القيود الحديدية الموضوعة، ألا هي قوة الله عز وجل، والإيمان به والتوكل عليه، والطاعة له.. التي تقلب كل المقاييس الأرضية الضخمة، فتجعلها محدودة، وضيقة، لو قيست بالمقياس الغيبي في التعامل مع الله تعالى، والإنسان المؤمن، يتسامى بمفاهيمه الثقافية، ومسؤولياته الإسلامية، فيتميز عن باقي الناس من ذوي المسؤوليات المحدودة، والأفكار الضيقة، فمن الوسط الاجتماعي المقيد فيرى أنه لا معنى للحياة إلا إذا كانت عقيدة وجهاداً وقيماً، ومبادئ، تسود كافة الناس.

وعندها يكون الشهداء قد كتبوا للحياة مسيرة جديدة، وخلقوا للأمة ظروفاً جديدة فغيروا وعيها، وهذبوا طبائعها وأحاسيسها، وأفهموها الدين والحياة فهما جديداً، وعرفوها الشهادة بمنظار سام، وصاغوا حركة التاريخ، والمسيرة الإنسانية صياغة حضارية، وكأنما الحياة بكل أوضاعها، ولدت من جديد مرة ثانية، وظهرت بصيغة أخرى، تبتدئ بنور الإسلام، وتنتهي بالنصر أو الشهادة.

فالشهيد يعيش ويموت في سبيل الله وهو معبأ بهذا الهم، بل يفضل الموت العزيز على الحياة الذليلة إذا قدّر أن الموت في وقته المناسب، يكون غنيمة وتحفة وحياة منعمة، ومشرفة، وباقية له، هذا الموت المشرف يعطي معنى الحياة، وهذه الحياة تعطي معنى الشهادة، لأن في الشهادة مولد الحياة، ومنطلق القوة، وروعة اليقين، ورفعة المنزلة في الدار العليا.

وقد يكون الذهاب إلى غنيمة الموت، باباً من أبواب الوعي، ومدخلاً من مداخل الإيمان وجانباً من جوانب الرحمة، وفرصة من فرص الخير الثمينة للشهداء وقد تذهب ولا تعود، وحينها لا ينفع الندم.

وجاء في الدعاء (اللهم إني أعوز بك من حياة تمنع خير الممات).

وهذه الكلمات الواعية من العلماء كافية للفرق بين الانتحار الذي هو استسلام وذل وهروب من الواقع، والخوف من مواجهة الواقع أما الشهادة والقتل في سبيل الله وعن وعي تام لهي الحياة الخالدة.

شبكة النبأ المعلوماتية/ ملف عاشوراء 1425هـ