q
أطفال ونساء اليمن بالكاد يحصلون على الرعاية الصحية والتعليم عندما لا يتم تجويعهم أو قصفهم، أي في الحالات الخالية من الحروب، لكنهم في الحرب أكثر الفئات تأثراً وتضرراً، تعصف باليمن أسوأ أزمةٍ إنسانية في العالم، وجيلٌ ضائع يترك مستقبل اليمن غامضاً. موتٌ بطيء يترصدنا، بسبب الجوع والعطش...

سجلت اليمن خلال سنوات عدوان تحالف العاصفة أعلى معدلات سوء التغذية في أوساط الأطفال والنساء، على مستوى العالم، الأطفال والنساء في اليمن يصارعون من أجل البقاء على قيد الحياة بشهادة الأمم المتحدة، لكنها لم تفعل شيئاً من أجل إبقائهم على قيد الحياة، ولا حتى مجرد إدانة لجرائم تحالف الأعراب بحقهم، خوفاً من انقطاع تمويل دهاقنة العدوان.

أطفال ونساء اليمن بالكاد يحصلون على الرعاية الصحية والتعليم عندما لا يتم تجويعهم أو قصفهم، أي في الحالات الخالية من الحروب، لكنهم في الحرب أكثر الفئات تأثراً وتضرراً، بحسب منظمة أنقذوا الأطفال البريطانية: تعصف باليمن "أسوأ أزمةٍ إنسانية في العالم"، و"جيلٌ ضائع" يترك مستقبل اليمن غامضاً.

موتٌ بطيء يترصدنا، بسبب "الجوع"، و"العطش"، أجسام هزيلة لم يتبقَ منها سوى الهياكل العظمية لأطفالٍ ونساء لم يعودوا يجدون ما يسدون به رمقهم ويُسكتون غضب أمعائهم المتضورة، في بلدٍ أصبح الكثير من أبنائه يقتاتون أوراق الأشجار.

حرب "إبادة"، أداتها "المجاعة" تجري في اليمن، دون أن يُحرك العالم ساكناً، وللعام السابع على التوالي، أي عُهرٍ هذا يا أدعياء حقوق الإنسان.

سنوات العدوان جعلت اليمن من بين أسوأ الدول التي يمكن للطفل أن يُولد فيها، وأكثرها خطراً، بحسب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور "تيدروس أدهانوم غيبريسوس": "تعاني اليمن من ارتفاع معدلات الأمراض المُعدية، ومحدودية فُرص الحصول على خدمات التحصين الروتينية والخدمات الصحية للأطفال والأسر، والممارسات الغير سليمة لتغذية الرُضع والأطفال الصغار، وقصور أنظمة الصرف الصحي والإصحاح البيئي.

الحالة المتردية للأطفال والأمهات في اليمن تعني بأن تعثر الخدمات الإنسانية – من الصحة إلى المياه والصرف الصحي والإصحاح البيئي والتغذية والمساعدات الغذائية ودعم سبل العيش – قد يُسفر عن تدهور وضعهم التغذوي".

نِصفُ أطفال اليمن مُهددين بالموت بسبب الجوع، وحياتهم أصبحت أكثر صعوبة مع مرور الوقت، وفقاً للمتحدث باسم منظمة "أنقذوا الأطفال" البريطانية، "بانو باتناغار": "موت طفلٍ واحد بسبب المجاعة هو مأساة".

وتؤكد ممثلة اليونيسيف في اليمن "ميريتشل ريلانو"، أن ما يُقلق منظمتها، هو: "سوء التغذية الأكثر حِدة، لأنه يقتل الأطفال"، بسبب النظام الصحي المتداعي والحرب والأزمة الاقتصادية، فقد أعاد عدوان التحالف البلد 10 سنواتٍ إلى الوراء، وضاع عقدٌ من الزمان فيما يتعلق بالمكاسب الصحية.

طبيب الأطفال في المستشفى الجمهوري بصنعاء "فهد القدسي" في حديثٍ لوكالة "فرانس برس" بتاريخ 27 أكتوبر 2020، دق جرس الخطر، فـ"سوء التغذية في اليمن أصبح في مرحلة كارثية، وهناك ارتفاعٌ كبير في نسبة الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، ونقصٍ متزايد بالأدوية، في حين لا تحصل الأمهات الحوامل على تغذية سليمة".

سوء التغذية يفتك بأطفالنا:

يعاني أكثر من 2 – 2.3 مليون طفل يمني دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد، وهم لا يحصلون على الكمية الكافية من الاغذية، منهم 358 - 360 ألفاً يعانون من سوء التغذية الحاد جداً/ الوخيم، وهذا رقم مرشح للارتفاع، وذلك بزيادة 16% عن العام 2020، وهم يصارعون من أجل البقاء على قيد الحياة، بحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبرنامج الأغذية العالمي ووزارة التخطيط بصنعاء، أبريل 2019، 10 فبراير 2021.

وقدّرت اليونيسيف، في تقريرٍ لها بتاريخ 31 أكتوبر 2017، ضحايا سوء التغذية الحاد في اليمن بنحو 3.3 مليون شخص، بينهم 2.2 مليون طفل، و400 - 460 ألف طفل دون الخامسة يعانون من سوء تغذية أكثر حدة وحياتهم مهددة بالخطر، وتحدثت المديرة التنفيذية لليونيسيف، "هنرييتا فور"، بتاريخ 10 ديسمبر 2020، عن 12 مليون طفل في اليمن، تحوّلت حياتهم إلى كابوس، وهم بحاجة للمساعدة، مؤكدة بأن الظروف الشبيهة بالمجاعة قد بدأت تظهر بالفعل بالنسبة لبعض الأطفال.

80% من السكان بما يقارب 21 – 24 مليون انسان يمني، بينهم 12.4 مليون طفل، بحاجة إلى مساعدات إنسانية طارئة، بحسب مجلة "فوربس"، أبريل 2021.

وازدادت حالات سوء التغذية الحاد الوخيم لدى الأطفال بأكثر من الضعف خلال الحرب، حيث بلغ عدد الحالات المشتبه فيها 400 ألف في العام 2018، مقارنة بـ 160 ألف حالة قبل العام 2015 بحسب المتحدث باسم منظمة "أنقذوا الأطفال" البريطانية "بانو باتناغار"، 24 ديسمبر 2018.

وتحدثت إحصاءات وزارة الصحة بصنعاء، 26 يوليو 2019، 12 مارس 2021، عن 5500000 طفل يعانون من سوء التغذية، منهم 2600000 – 4700000 دون الخامسة، و360 ألف يعانون من سوء التغذية الحاد، و500 ألف طفل مصاب بسوء التغذية الوخيم، وهؤلاء إذا لم يتم معالجتهم، يصابون بإعاقات دائمة، وأكثر حالات الإعاقة تتركز في مناطق الساحل الغربي والحديدة، تليها محافظة صعدة وحجة وأمانة العاصمة وتعز وإب.

واستأثرت محافظة الحديدة بأعلى معدلات سوء التغذية، ونقص الوزن للأطفال، دون سن الخامسة، الذين تم فحصهم خلال أغسطس 2020 بحسب منظمة الصحة العالمية، 3 نوفمبر 2020، وقالت بأنها قامت برصد معاناة نحو 7 ملايين و400 ألف شخص من سوء التغذية في مختلف أنحاء اليمن، بينهم مليونا طفل دون سن الخامسة، وتم فحص 23 ألفاً و471 طفلاً دون سن الخامسة في اليمن للكشف عن جميع أشكال سوء التغذية خلال الفترة المذكورة.

وسجل العام الجاري 2021 ارتفاع في معدلات سوء التغذية الحاد والحاد الوخيم بمقدار 16% و22% على التوالي بين الأطفال تحت سن الخامسة عن العام 2020، وفقاً للمدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، "ديفيد بيزلي"، 10 مارس 2021، وهذه الأرقام من بين أعلى معدلات سوء التغذية الحاد الوخيم المُسجلة في اليمن منذ عام 2015، وفقاً لمنظمات "الفاو" و"اليونيسف" وبرنامج الأغذية العالمي.

ورصدت منظمة الأغذية والزراعة، واليونيسف، وبرنامج الأغذية العالمي، وشركائهم، في دراسة تحليلية مشتركة نُشرت في 22 يوليو 2020، شملت 133 مديرية في جنوب اليمن، يعيش فيها 1.4 مليون طفل دون سن الخامسة، زيادة تُقارب 10% في حالات سوء التغذية الحاد الوخيم في العام 2020، بواقع 500 ألف طفل، وهو أعلى مستوى يتم تسجيله في مديريات جنوب اليمن، بين هؤلاء ارتفاع بنسبة أكثر من 15% - أي نحو 100000 طفل – في الحالات التي تعاني من سوء التغذية الحاد الوخيم، بحسب اليونيسيف.

وتم تسجيل أعلى زيادة في حالات الإصابة لدى الأطفال الصغار، بنسبة 15.5% خلال عام 2020، وتحدثت التقارير الأممية عن 98 ألف طفل يمني دون الخامسة، معرضون لخطر الموت، إن لم يتلقوا العلاج بصورة عاجلة.

ووجدت الدراسة أن المناطق الأكثر تضرراً، تمثلت في الأجزاء المنخفضة في محافظة أبين 23%، ومحافظة لحج 21%، ومحافظة تعز 22% – يعاني فيها تقريباً "1 من كل 5 أطفال" من سوء التغذية الحاد، وفي محافظة الحديدة "1 من كل 4 أطفال" ما نسبته 27%.

وأكدت ممثلة اليونيسيف في اليمن "ميريتشل ريلانو" في تصريح لها بتاريخ 31 أكتوبر 2017، أن الأطفال والحوامل والمرضعات هم الأكثر تضرراً من أزمة سوء التغذية في محافظة صعدة بالشمال ومحافظة الحديدة الساحلية ومحافظة تعز جنوب البلاد.

وتُعد أمراض سوء التغذية من العوامل الرئيسية المسببة للإعاقة، فهي تُؤدي الى ضمور العضلات لدى الأطفال الذين لا يحصلون على الغذاء بشكل كافٍ، وبالتالي تُسبب لهم إعاقة ذهنية وعقلية وجسدية كاملة، ويؤكد رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات المعاقين بصنعاء "عثمان الصلوي" وجود 400 ألف طفل يمني تتهددهم الإعاقة بسبب أمراض سوء التغذية، إذا لم يتم التحرك السريع لإنقاذهم.

وتشير إحصاءات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للعام 2017 الى معاناة 95% من سوء التغذية، و84% من الأطفال في حالة تقزٌّم، وبحسب اليونيسيف، 31 أكتوبر 2017، فالنمط الأكثر حدة من سوء التغذية يترك الأطفال عُرضةً للإصابة بإسهال وأمراض تنفسية تُهدد حياتهم، ناهيك عن الإصابة بفقر الدم، حيث رصدت وزارة الصحة بصنعاء في تقرير لها بتاريخ 12 مارس 2021، نحو 86% من الأطفال دون سن الخامسة يعانون من أحد أنواع فقر الدم، و46% منهم يعانون من التقزم، و80 ألف طفل مصابون باضطرابات نفسية.

هذه ليست مجرد أرقام، إنهم أناسٌ حقيقيون، وهو أمرٌ يعتصر القلب من الألم بشهادة المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، "ديفيد بيزلي"، وينبغي أن يُؤدي العدد المتزايد من الأطفال الذين يعانون الجوع في اليمن إلى إحداث صدمة لنا جميعاً، في مفهوم المديرة التنفيذية لليونيسيف، "هنريتا فور"، لأنه سيموت المزيد من الأطفال مع كل يوم يمر بدون تقديم علاج، لكن من يهتم لأطفال هذا البلد المنكوب والمظلوم.

تزايد مرعب في وفيات الأطفال:

وفاة طفل كل 10 دقائق لأسباب يمكن الوقاية منها كالجوع والأمراض، حسب منظمة اليونيسيف، سبتمبر 2021.

وفاة 350 طفلاً يومياً بسبب سوء التغذية الحاد والأمراض المصاحبة له، وفقاً لوزير الصحة بصنعاء الدكتور "طه المتوكل"، نوفمبر 2020، وأكد في تصريح بتاريخ 20 يونيو 2020، أن وفيات الأطفال الموثقة أُممياً ما دون العام 53 ألف سنوياً، وما دون 5 سنوات 72 ألف طفل كل عام، نتيجة الحصار الظالم الذي يفرضه تحالف العدوان.

وفاة 100 ألف طفل سنوياً إما بسبب سوء التغذية أو بالأمراض والأوبئة، وفقاً للناطق باسم وزارة الصحة، الدكتور "يوسف الحاضري"، 26 يوليو 2019.

وفي تقرير لها بتاريخ 12 مارس 2021، تحدثت وزارة الصحة بصنعاء عن وفاة 265 ألف طفل في العام بسبب أحد الأمراض الخمسة "الالتهاب الرؤي، الإسهال، الحصبة، الملاريا، سوء التغذية"، فضلاً عن عدم توفر حضانات في كثير من المستشفيات الريفية والطرفية والمركزية والمرجعية، ووفاة 6 مواليد كل ساعتين بسبب تدهور خدمات الرعاية الصحية، و65 طفل دون الخامسة من أصل ألف طفل بسبب نوع من أنواع الأمراض.

85 ألف طفل يمني دون سن الخامسة لقوا حتفهم بسبب الجوع خلال الفترة "مارس 2015 – ديسمبر 2018"، وهذا الرقم يمثل "كارثة إنسانية ذات أبعاد أسطورية"، بحسب المتحدث باسم منظمة أنقذوا الأطفال في بريطانيا "بانو باتناغار"، 24 ديسمبر 2018.

وتحدثت ممثلة اليونيسيف في اليمن "ميريتشل ريلانو"، 31 أكتوبر 2017، عن وفاة 63 من كل ألف طفل قبل بلوغ سن الخامسة مقابل 53 في عام 2014، وكشف "الحاضري" في 22 يونيو 2021 عن وفاة أكثر من 27 طفل من أصل 1000 مولود سنوياً.

طوفان الجوع يعصف بنسائنا:

كشفت منظمات الأغذية والزراعة، واليونيسف، وبرنامج الأغذية العالمي، وشركائهم، في تقرير مشترك بتاريخ 27 أكتوبر 2020، عن وجود 250 ألف امرأة حامل أو مرضع في المحافظات الواقعة تحت الاحتلال بحاجة إلى الحصول على علاج لسوء التغذية، وحذر خبراء الأمم المتحدة من أن العدد الفعلي للحالات يفوق ذلك على الأرجح إثر تفاقم العوامل المسببة لسوء التغذية في اليمن.

وزارة الصحية بصنعاء أعلن ناطقها الدكتور "يوسف الحاضري"، في 26 يوليو 2019، عن وجود مليون و200 ألف امرأة في سن الإنجاب من بين 5 ملايين امرأة مصابات بسوء التغذية، وفي تقرير لها بتاريخ 12 مارس 2021، تحدث عن 300 ألف أم مصابة بسوء التغذية.

وتحدث برنامج الأغذية العالمي، في تقرير له بتاريخ 10 فبراير 2021، عن مليون امرأة بحاجة إلى العلاج من سوء التغذية الحاد، وتوقعت اليونيسيف معاناة 1.2 مليون امرأة حامل أو مُرضع في اليمن من سوء التغذية الحاد في العام الجاري 2021، وكلها أرقام تقديرية.

إنه واقعٌ صادم بكل المقاييس، وإذا تحدثت الأرقام خرُست ألسن أدعياء حقوق الإنسان.

اضف تعليق