q
تسعى دول العالم الى تحقيق انتصارات طبية جديدة في حربها المعلنة ضد تفشي فيروس كورونا المستجد، من خلال تحفيز مواطنيها على تلقي اللقاحات المضادة لهذا لفيروس القاتل، من خلال تقديم بعض الجوائز والمكافآت وغيرها من الحوافز الاخرى. وكذلك اعتماد اساليب خاصة لمواجهة حرب الشائعات والاكاذيب...

تسعى دول العالم الى تحقيق انتصارات طبية جديدة في حربها المعلنة ضد تفشي فيروس كورونا المستجد، من خلال تحفيز مواطنيها على تلقي اللقاحات المضادة لهذا لفيروس القاتل، من خلال تقديم بعض الجوائز والمكافآت وغيرها من الحوافز الاخرى. وكذلك اعتماد اساليب خاصة لمواجهة حرب الشائعات والاكاذيب المستمرة والأخبار الغريبة التي اطلقت ضد هذه اللقاحات في مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل الاعلام الاخرى.

من جانب اخر اعتمدت دول اخرى اساليب وطرق عقابية خاصة واعتماد قوانين وقرارات جديدة، لا جبار مواطنيها على اخذ اللقاحات التي تعد اليوم الحل الوحيد لمواجهة خطر تفشي الفيروس وعودة الحياة من جديد، وفي هذا الشان فقد افادت أفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية وكما نقلت بعض المصادر، أن هناك بعض الدول تبحث عن عقوبات صارمة تنفذها على مواطنيها الذين يهربون من تلقي لقاح فيروس كورونا كوفيد 19، للحد من انتشار الوباء والحفاظ على المتعافين.

وأضافت الصحيفة بأن العقوبات ستتراوح بين الغرامات وتقييد الوصول إلى الأماكن العامة إلى التهديد بفقدان أولوية الوصول إلى اللقاحات. واستشهدت الصحيفة الأمريكية بإندونيسيا التي فرضت بالفعل غرامات على الممتنعين عن التطعيم تقدر بحوالي 356 دولارًا أو أكثر من راتب شهر في المتوسط، وفقا لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في البلاد.

كما ينظر الاتحاد الأوروبي والمسؤولون الأستراليون في وضع قيود على السفر للأشخاص الذين لا يمتلكون دليلاً على التطعيم. وفي البرازيل قضت المحكمة العليا بعدم السماح للأشخاص الذين يرفضون تلقي لقاح كوفيد-19 بممارسة بعض الأنشطة والوصول إلى الأماكن العامة. وفي سنغافورة ستكون عقوبة من يمتنع عن تلقي اللقاح هي الحرمان من اللقاح، إذ هددت السلطات بعدم حجز الجرعات للأشخاص الذين يرفضون التلقيح.

وفي استطلاع أجرته شركة ايبسوس في وقت سابق، أعرب المزيد من الأشخاص عن نيتهم تلقي اللقاح. وشمل الاستطلاع البالغين حتى عمر 75 عاماً من 15 دولة وفي أغلب البلدان التي شملها الاستطلاع يعارض شخص من كل 5 أشخاص تلقي اللقاح خوفاً من الآثار الجانبية، وبسبب التجارب السريرية المتسارعة. ومن ناحيتها، حذرت منظمة الصحة العالمية من أن جعل لقاحات كوفيد-19 أمر إلزامي قد يثني الناس عن التطعيم.

الفلبين

"أنت تختار.. اللقاح أو السجن". "إذا رفضت، فسأحقنك بإيفرمكتين المخصص للخنازير"، كانت هذه بعض تهديدات الرئيس دوتيرتي لمواطني الفلبين الرافضين لتلقي لقاح كورونا. فمن بين 110 ملايين نسمة تلقى اللقاح حوالي مليوني شخص فقط. وبدافع الإحباط من بطء وتيرة التطعيمات المضادة لكوفيد-19 في بلاده، هدد الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي من يرفضون تلقي اللقاح بالسجن أو حقنهم بدواء "إيفرمكتين"، المضاد للطفيليات، والذي يُستخدم على نطاق واسع لعلاج الحيوانات.

وأشير في السابق إلى إيفرمكتين على أنه علاج بديل لكوفيد-19، لكن الجهات التنظيمية في الولايات المتحدة وأوروبا ومنظمة الصحة العالمية أوصت بعدم استخدامه. وقال دوتيرتي في كلمة نقلها التلفزيون، بعد ورود تقارير عن انخفاض الإقبال في عدد من مواقع التطعيم في العاصمة مانيلا "أنت تختار.. اللقاح أو السجن". وأضاف "توجه إلى التطعيم ما دمت أنك هنا وأنك إنسان ويمكنك حمل الفيروس. وإلا فسأطلب من جميع المسؤولين في القرى إحصاء عدد من يرفضون التطعيم. لأنك إذا رفضت، فسأحقنك بإيفرمكتين المخصص للخنازير".

وقال الرئيس "لا تفهموني خطأ، هناك أزمة في هذا البلد... أنا منزعج فحسب من عدم استجابة الفلبينيين للحكومة". كما تمسك دوتيرتي، الذي يواجه انتقادا لمنهجه الصارم لاحتواء الوباء في الفلبين، بقراره عدم السماح بإعادة فتح المدارس. وتتناقض تصريحات دوتيرتي الخشنة مع تصريحات مسؤولي الصحة الذين قالوا إنه بينما يتم حث الناس على تلقي اللقاح، إلا أنه يبقى طوعيا.

ومن جهته أوضح وزير العدل ميناردو جيفارا، أنه لا يوجد قانون يجرم رفض الحصول على اللقاح. وقال جيفارا للصحفيين "أعتقد أن الرئيس استخدم كلمات قوية فقط لإظهار مدى ضرورة الحصول على اللقاح وبلوغ مناعة القطيع في أسرع وقت ممكن". وكان استطلاع للرأي على مستوى البلاد أظهر في مارس/ آذار الماضي أن 61 بالمئة من البالغين في الفلبين لا يميلون إلى الحصول على اللقاح المضاد لمرض "كوفيد 19"، ويرجع ذلك أساسا إلى مخاوف لديهم بشأن السلامة والفعالية.

ومن جانبه، قال المتحدث باسم الرئاسة، هاري روك، إن ثمة حكما قضائيا يسمح للحكومة بجعل التطعيم إلزاميا، إذا اقتضى الأمر. وجاءت تصريحات روك نقلا عن حكم صدر عن المحكمة العليا في الفلبين عام 1963، بشأن قضية تتعلق بتطعيم الأطفال ضد مرض الجدري، حيث قالت المحكمة إن "حق الدولة في جعل التطعيم إجباريا هو أمر راسخ". بحسب رويترز.

وتكافح الفلبين واحدة من أسوأ موجات تفشي المرض في آسيا إذ يربو إجمالي الإصابات على 1.3 مليون فضلا عن 23 ألف وفاة. وحتى 20 يونيو/ حزيران، استكملت السلطات الفلبينية تطعيم 2.1 مليون شخص وهو ما يعني أن البلاد لا تزال بعيدة عن هدف الحكومة المتمثل في تطعيم ما يصل إلى 70 مليونا هذا العام في بلد يبلغ عدد سكانه 110 ملايين نسمة.

العراق

على صعيد متصل لم تنجح الحكومة العراقية في إقناع شرائح واسعة من المجتمع لأخذ اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، على الرغم من الدعاية الحكومية في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وحملات التشجيع على التطعيم. وتزامناً مع وصول اللقاحات إلى العراق في فبراير (شباط) الماضي، ارتفعت أعداد الإصابات بفيروس كورونا لتصل إلى مستويات قياسية لأول مرة منذ تسجيل إصابات في العراق، إذ تجاوزت في بعض الأيام الـ 8000 إصابة يومياً، ما شكل ضربةً قاسية لكل الجهود الحكومية للحد من انتشار الفيروس.

وقرر مجلس الوزراء العراقي فرض لقاح فايروس كورونا على الموظفين والهيئات التدريسية في الجامعات والمدارس والطلبة الذين تزيد أعمارهم على 18 عام، في محاولة للسيطرة على تفشي الوباء في البلد. وبعد فشل جميع المحاولات في احتواء الجائحة من فرض حظر شامل وجزئي للتجوال وتغريم المخالفين لتعليمات خلية الازمة، وغيرها من الاجراءات التي لم تنجح، ألزمت الحكومة موظفيها بتقديم الكارتات الخاصة بتلقي لقاح كورونا أو جلب فحص سالب كل أسبوع يثبت عدم الإصابة للسماح لهم بالدوام في دوائرهم.

وأثار القرار ردود أفعال متباينة حول مدى قانونيته وتعارضه مع مبادئ حقوق الإنسان في إجبار من لا يريد من الموظفين أخذ اللقاح قسرا. وانقسم المختصون في مجال القانون بين من يرى فيه تعسفا ومقيدا للحرية الفردية وبين مؤيد باعتباره اجراء قانوني "يقي الضرر". واعلنت الحكومة المحلية في البصرة، ان التطعيم باللقاح المضاد لكورونا سيكون الزاميا على جميع الموظفين بدءا من اب المقبل.

وقال محافظ البصرة أسعد العيداني، أنه "سيتم الزام موظفي الدوائر، سيما الخدمية كالبلدية والبلديات والجوازات والمرور بتلقي لقاح كورونا، بدءا من مطلع آب المقبل". واضاف العيداني، ان "تلقيح الموظفين سيمثل المرحلة الاولى، فيما ستقوم المرحلة الثانية على منع اي مواطن من مراجعة الدوائر الحكومية، ما لم يكن يحمل بطاقة تثبت تلقيح للقاح المضاد للفيروس".

وقد اكد الخبير القانوني طارق حرب قانونية ما ذهبت إليه الحكومة من فرض حالة التطعيم ضد فايروس كورونا على موظفيها، مشيرا إلى أن مجلس الوزراء استخدم حقه الدستوري الوارد في قانون انضباط موظفي الدولة. ويقول حرب، "المادة 4 من قانون انضباط موظفي الدولة رقم 14 لسنة 1991 تنص على ضرورة التزام الموظف بأوامر مؤسسته التي يعمل بها وبخلاف ذلك يمكن له تقديم استقالته".

ويلفت حرب إلى أن موضوع اللقاح الاجباري "لا يتعارض مع الحريات العامة أو الشخصية"، موضحا "الحكومة مارست هذا الاجراء سابقا عند فرضها حالة الحظر الشامل وهو أشد قسرية من فرض اللقاح ولم يعترض عليها أحد نظرا لوجود مصلحة عليا".

حوافز غريبة

في الولايات المتحدة، حيث تلقّى حوالى 130 مليون شخص جرعتين من لقاح (كوفيد-19) وكما نقلت بعض المصادر في وقت سابق، بدأت مراكز توزيع اللقاحات الكبيرة تغلق أبوابها وسط تناقص عدد الجرعات المعطاة يومياً وتردد آخرين، لكن بحسب مجلة "فوربس"، فإن مواقع أصغر لتوزيع اللقاح بدأت تنشأ في نوادي التعري ومهرجانات جراد البحر، ناهيك عن حوافز أخرى مثال المبالغ النقدية والسندات والمشروبات الروحية المجانية.

ومن الحوافز الغريبة لتشجيع الناس على تلقي اللقاح توزيع الحشيش بشكل مجاني في أميركا الشمالية، حيث تسمح قوانين بعض الولايات بتعاطي الماريغوانا للترفيه. وتذكر مجلة "فوربس" أن مجموعة DCMJ المعنية بإصلاحات سياسة القنب في العاصمة واشنطن، أعلنت في أوائل يناير (كانون الثاني) الماضي، أنها ستطلق حملة "Joints for Jabs" لمكافأة أولئك الذين تلقوا الطعم.

ويقول مؤسس DCMJ، آدم إيدينغر، إن المجموعة وزعت أكثر من 10 آلاف سيجارة في فعاليات متعددة أقيمت خارج مواقع التطعيم، حيث لاقت الهبات إقبالاً كبيراً من متعاطي الحشيش والمارة، وحتى أولئك الذين يقدمون اللقاحات. شركات القنب هي الأخرى تشجع الأفراد على تلقي اللقاح بطريقتها الخاصة. ففي ولاية أريزونا منحت بعض المستوصفات عملاءها الحشيش بشكل مجاني، شرط أن يظهروا وثيقة التطعيم الخاصة بهم. أما في ميشيغان وتحديداً مقاطعة أوكلاند، فيقدم مركز طبي يدعى The Greenhouse of Walled Lake للعملاء الذين تطعموا سيجارة ماريغوانا مجانية.

جيري ميلن، مالك المركز ورئيسه التنفيذي، قال إنه يأمل بتجنب الجدل الدائر حول اللقاح، ولا يريد أن يبدو أنه يدلي بتصريحات سياسية، مؤكداً أنه يحترم الأشخاص الذين يرفضون الحصول على السجائر، لكنه في الوقت نفسه يريد مكافأة متلقيّ اللقاح بعرض مجاني. ويشير إلى أن الحملة التي لاقت رواجاً واسعاً عبر توزيع أكثر من 25 ألف سيجارة.

وفي ولاية كونيتيكت أُطلقت حملة بعنوان CTDrinksOnUs، تشارك فيها المطاعم في تقديم مشروبات كحولية وغير كحولية مجانية لسكان الولاية من حاملي وثائق التطعيم. ويقتصر العرض المجاني على مشروب واحد من قائمة محددة سلفاً، كما يلزم العملاء شراء الطعام. واتبعت شركة المشروبات الكحولية Budweiser نهجاً مماثلاً بتقديم بيرة مجانية لأي شخص يبلغ من العمر 21 عاماً فما فوق. أما في ولاية مين، شمال شرقي الولايات المتحدة، فيُمنح السكان المحصنون تراخيص مجانية لصيد السمك، إضافة إلى تذاكر مجانية لمباريات البيسبول، وتذاكر دخول فعاليات ومواقع مختلفة.

اما آخر حلول الرئيس الصربي ألكسندر فوتيتش لحث مواطنيه على التطعيم وتقليل فائض اللقاحات، هو منح كل شخص أخذ اللقاح 30 دولاراً. وفي سياق مشابه، امتد صف من الناس في أحد مراكز التسوق في العاصمة الصربية بلغراد، للاستفادة من خدمات عيادة لقاح جديدة، قدمت بطاقات هدايا لأول 100 شخص. لكن في النموذج الأميركي للمحفزات المالية، استغلت ولاية أوهايو الأميركية أموال حزم التحفيز، بحسب موقع "بزنس إنسايدر"، في تقديم جوائز بقيمة مليون دولار لسكانها الملقحين بشكل عشوائي، إضافة إلى منح دراسية للمراهقين المحصنين. أما ولاية فرجينيا الغربية، فتعمل على الاستفادة من أموال التحفيز لإصدار سندات ادخار بقيمة 100 دولار للشباب والفتيات الذين تلقوا اللقاح.

وفي ولاية ماريلاند، سيكون السكان المحصنون مؤهلين للحصول على جائزة يانصيب تصل إلى 400 ألف دولار، في حين اتفقت ولاية كنتاكي مع شركتي "كروغر" و"ول مارت" على منح كل شخص بالغ قسيمة "كاش بول 225" مجانية، تتيح الدخول إلى يانصيب الولاية للفوز بالجائزة الكبرى التي تقدر بـ 225 ألف دولار. وقالت المديرة التنفيذية ليانصيب كنتاكي، ماري هارفيل، في بيان، "نأمل من خلال ضخ القليل من المرح تطعيم مزيد من الناس". وأوضح حاكم الولاية في بيان حول المبادرة أنها تهدف إلى المساعدة في "الحفاظ على أمن مجتمعاتنا في كنتاكي"، قائلاً إن "كسب مئات الآلاف من الدولارات فوز للجميع".

أما في نيويورك، فأعلن الحاكم أندرو كومو أن فريقي يانكيز وميتس سيقدمان تذاكر مجانية للجماهير الذين يتلقون اللقاح في الملاعب قبل المباريات، لكن هذا الإعلان يتزامن مع خطة ستقسم المدرجات إلى جزأين، قسم للأشخاص المحصنين، حيث سيجلسون من دون تباعد اجتماعي، وقسم لغير الملقحين حيث سيكون عليهم الالتزام بقاعدة الأقدام الستة. وفي شيكاغو بوسع المحصنين الاستمتاع بالحفلات الموسيقية وحضور فعاليات الصيف شرط إثبات التطعيم باستخدام بطاقة "Pass Vax"، التي تتيح للأفراد المطعمين، الحصول على عروض حصرية في الأحداث الصيفية، ويمكن أن تمتد مزايا البطاقة لتشمل محال الحلاقة والصالونات.

اضف تعليق