q
تتبلور في آن واحد متاعب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الصعيدين القانوني والسياسي الأول في محاكمته بتهم الفساد والثاني في مقر الرئيس الإسرائيلي. فقد أمر القضاة نتنياهو بالمثول أمام المحكمة لحضور المرافعة الافتتاحية لممثل الادعاء في القضايا الثلاث المتهم فيها بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة...

استأنفت المحكمة المركزية الإسرائيلية، من جديد محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو71 عاما ، بتُهم تتعلق بالفساد. وانعقدت أولى جلسات محاكمة نتنياهو بحضوره في 24 مايو/أيار 2020، واستؤنفت في الثامن من فبراير/شباط الماضي، ليتم تحديد موعد استئناف جلساتها الجديدة. وقبل عام و4 أشهر وكما نقلت بعض المصادر، قدم المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية أفيخاي ماندلبليت، لائحة اتهام ضد نتنياهو تضمنت 3 اتهامات وهي الرشوة والاحتيال وإساءة الأمانة. وتضمنت لائحة الاتهام 3 ملفات أساسية تعرف إعلاميا بـ"الملف 1000" و"الملف 2000" و"الملف 4000".

ويواجه نتنياهو، تهم الاحتيال وخيانة الأمانة في الملف الأول، تتمثل في حصوله على منافع (رشوة على شكل هدايا) من رجل الأعمال أرنون ميلتشين، مقابل تسهيل بعض الخدمات والصفقات للأخير. وبالملف الثاني، يواجه تهم الاحتيال وخيانة الأمانة، تتعلق بمساومته ناشر صحيفة "يديعوت أحرونوت" أرنون موزيس، للحصول على تغطية إعلامية إيجابية له ولأسرته، مقابل التضييق على صحيفة "إسرائيل اليوم" المنافسة.

ويُتهم نتنياهو في الملف الثالث، بالرشوة وخيانة الأمانة والاحتيال، ويتمحور حول تقديمه تسهيلات ضريبية لشركة الاتصالات الإسرائيلية "بيزك"، بنحو 370 مليون دولار مقابل قيام موقع "واللا" الإخباري، المملوك للمدير العام السابق لـ"بيزك"، ومالكها شاؤول ألوفيتش، بتغطية إخبارية إيجابية له وأسرته. وسبق لنتنياهو أن نفى مرارا الاتهامات الموجهة إليه واعتبرها مكيدة لإسقاط حكومة اليمين التي يترأسها. وقالت صحيفة "جروزاليم بوست"، إنه من المتوقع استمرار محاكمة نتنياهو ما بين سنة إلى ثلاثة سنوات.

ازمة نتنياهو

وفي هذا الشأن تتبلور في آن واحد متاعب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الصعيدين القانوني والسياسي الأول في محاكمته بتهم الفساد والثاني في مقر الرئيس الإسرائيلي. فقد أمر القضاة نتنياهو بالمثول أمام المحكمة لحضور المرافعة الافتتاحية لممثل الادعاء في القضايا الثلاث المتهم فيها بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة.

وفي الوقت نفسه بدأ الرئيس الإسرائيلي ريئوفين ريفلين مشاوراته مع رؤساء الأحزاب لاختيار من يتولى تشكيل الحكومة القادمة بعد الانتخابات الرابعة غير الحاسمة التي أُجريت في 23 مارس آذار والتي لم تمنح نتنياهو اليميني أو منافسيه تفويضا واضحا. واستهل ريفلين المشاورات بالاجتماع مع ممثلي حزب "الليكود" الذي يقوده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، على أن يلتقي مع ممثلي جميع الأحزاب وعددها 13.

وسوف يستمع ريفلين، على الهواء مباشرة، إلى لتوصيات الأحزاب حول الشخصية التي سيكلفها بتشكيل الحكومة. وأشار مكتب الرئيس الإسرائيلي إلى أن ريفلين، سيعلن عن شخصية المكلف بتشكيل الحكومة. وقال ريفلين إن الاعتبارات الأخلاقية قد تمثل عاملا في قراره، فيما يبدو أنه يشير إلى محاكمة نتنياهو. ويمنح المكلف مهلة 28 يوما، لتشكيل الحكومة، يمكن تمديدها 14 يوما إضافية، بموافقة الرئيس الإسرائيلي. وفي حال فشل المكلف، فإنه يتم تكليف شخصية أخرى، بتشكيل الحكومة في غضون 28 يوما.

وقال الرئيس لممثلي حزب "هناك مستقبل" الوسطي وهو أكبر أحزاب المعارضة ويأمل في إزاحة حزب ليكود بزعامة نتنياهو عن السلطة "لا أرى سبيلا يمكن فيه تكوين حكومة". وأضاف "يجب أن يشعر شعب إسرائيل بقلق بالغ من احتمال أن ننجر إلى انتخابات خامسة". ويشير القانون الإسرائيلي إلى أنه في حال فشل المكلف الثاني، فإن على الكنيست الإٍسرائيلي أن يحدد مكلف بتشكيل حكومة أو العودة إلى الانتخابات.

وقد أعلن نتنياهو أنه غير مذنب. وهو يقول إنه ضحية اضطهاد له دوافع سياسية من جانب اليسار ووسائل الإعلام للإطاحة به وإن قبول الهدايا من الأصدقاء ليس مخالفا للقانون. وعقوبة تهمة تقاضي الرشوة هي السجن مدة تصل إلى عشرة أعوام وغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين. أما عقوبة الاحتيال وخيانة الأمانة فهي السجن لمدة تصل إلى ثلاثة أعوام. بحسب رويترز.

وحتى في حالة إدانته، لن يُطلب من نتنياهو التنحي حتى يتم استنفاد عملية الاستئناف، وهو أمر قد يستغرق سنوات. غير أن من الممكن اختصار الإجراءات إذا سعى نتنياهو لإبرام اتفاق مع الادعاء. واستقال رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت من منصبه كزعيم لحزبه عندما كان قيد التحقيق بتهمة الفساد في عام 2008 لكنه ظل من الناحية الفنية في منصبه حتى انتخابات العام التالي. وفي النهاية أدين أولمرت بالرشوة والاحتيال وعرقلة سير العدالة وخيانة الأمانة فيما يتعلق بعدة قضايا. قضى 16 شهرا من عقوبة بالسجن لمدة 27 شهرا.

وفي وقت سابق تظاهر مئات الإسرائيليين، لمطالبة قادة أحزاب حصدت مقاعد خلال الانتخابات الأخيرة، بالعمل على تشكيل حكومة جديدة وعدم السماح لرئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو بتشكيلها. وذكر موقع "واللا" العبري الخاص، أن عشرات الإسرائيليين تظاهروا أمام منازل زعماء أحزاب "أبيض-أزرق" بيني غانتس، و"أمل جديد" جدعون ساعر، و"اليمين الجديد" نفتالي بينيت (لم يحدد أماكنها)، مطالبين بتشكيل حكومة، حتى لا يتسنى لنتنياهو فعل ذلك.

وطالب المتظاهرون زعماء الأحزاب، وفق الموقع، "بالعمل لصالح المواطنين بأمانة من أجل رفاههم وأمنهم وصحتهم دون تحيز". وأضافوا أنه لا يمكن تشكيل حكومة "مع مجرم"، في إشارة لنتنياهو. وفي مدينة حيفا (شمال) تظاهر عشرات العرب في إسرائيل أمام منزل رئيس "القائمة العربية المشتركة" أيمن عودة، لمطالبته بالتوصية ودعم يائير لبيد، زعيم حزب "هناك مستقبل" (17 مقعدًا)، لتشكيل ائتلاف حكومي بديلا لحكومة نتنياهو.

وبحسب موقع "واللا"، فإن عودة خرج من بيته للمتظاهرين ووعدهم بأن لا يكون حجر عثرة أمام تشكيل حكومة التغيير التي يسعى لبيد لتشكيلها. وقال المتظاهرون، بحسب الموقع، إنهم يريدون رؤية عودة - حصلت قائمته على 6 مقاعد - وزيرا في الحكومة المقبلة. وأظهرت نتائج الانتخابات، التي جرت عدم حصول أي من المعسكرين الرئيسيين على مقاعد كافية لتشكيل الحكومة، حيث يتطلب ذلك الحصول على 61 مقعدا من أصل 120.

غير أن قاعدة ناخبيه في اليمين الإسرائيلي ترى أن نتنياهو الذي يُطلق عليه "الملك بيبي" هو رجل الأمن وصوت مسموع لإسرائيل في الخارج. وفي الوقت نفسه، تواجه إسرائيل شللا سياسيا لم يسبق له مثيل وأزمة اقتصادية تسببت فيها جائحة فيروس كورونا وإدارة أمريكية جديدة تأمل في إحياء المحادثات النووية مع إيران وكذلك تحقيقا يلوح في الأفق في جرائم حرب تجريه المحكمة الجنائيةالدولية.

الادعاء والشهود

الى جانب ذلك وكما نقلت بعض المصادر اتهم ممثلو الادعاء الإسرائيليون رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو باستخدام المحاباة كعُملة مع بدء محاكمته في قضية فساد تلقي هي ونتائج غير حاسمة للانتخابات بظلالها على فرص بقائه في السلطة. وجاء نتنياهو، الذي ينفي اتهامات بالرشوة وخيانة الأمانة والاحتيال، إلى محكمة القدس الجزئية مرتديا حلة داكنة اللون وواضعا كمامة سوداء ووقف يتحاور بهدوء مع المحامين في حين نظم أنصاره ومنتقدوه مظاهرات صاخبة خارج المحكمة.

وقالت الدولة إن نتنياهو مسؤول عن لوائح سمحت لزوجين يعملان في مجال الاتصالات بإبرام صفقات بقيمة "مئات الملايين من الشواقل" مقابل تحسين التغطية الإخبارية لأنشطة رئيس الوزراء على موقع إخباري شهير تحت سيطرتهما. وقالت المدعية العامة ليات بن آري، خلال جلسة محاكمة نتنياهو، إن الأخير "أساء استخدام سلطته لمنح مزايا غير قانونية بالتنسيق مع وسائل الإعلام المركزية لتعزيز مصالحه الشخصية". وقالت بن آري: "السؤال المطروح على المحكمة ليس ما إذا كانت المقالات في موقع (واللا) تمت بشكل موضوعي أو متوازن، وإنما التأثير غير القانوني وراء الكواليس الذي أدى إلى تلك المقالات". ورأت أن "القصة الحقيقية هنا تتعلق بالسلطة". وتابعت: "لا أحد غير نتنياهو كرئيس للوزراء لديه السلطة الكاملة لنقل الفوائد إلى أباطرة المال في القضية، وهم متهمون أيضاً". وأشارت المدعية العامة إلى أن "الفوائد التي منحها نتنياهو لمالك شركة بيزك وموقع واللا شاؤول إلوفيتش تساوي مئات الملايين من الشواقل".

ويواجه نتنياهو قضيتين أخريين في أول محاكمة جنائية لرئيس وزراء إسرائيلي في السلطة. ووصف نتنياهو نفسه بأنه ضحية عملية ملاحقة ذات دوافع سياسية. وقضى نتنياهو ساعة داخل المحكمة وانصرف بعد موافقتها قبل إدلاء إيلان يوشع الرئيس التنفيذي السابق لموقع والا الإخباري بشهادته. وقال يوشع إنه تلقى أثناء عمله في والا مطالب كثيرة من مالكي الموقع، شاؤول وإيريس إلوفيتش، ومن مقربين من نتنياهو لتحسين التغطية الإخبارية لرئيس الوزراء والتخفيف من التغطية الإخبارية لمنافسيه السياسيين أو انتقادهم.

وقال يوشع أمام المحكمة "طلب الزوجان إلوفيتش مني ألا يعرف المحررون بأن سبب الطلبات يتعلق بتحركات تنظيمية وشيكة"، مضيفا أن مطالب التغطية أثارت "جدلا يوميا" مع المحررين الذين "خاضوا معركة". وأكد يوشع في شهادته، أنه تعرض لـ"الإيذاء"، من قبل الأشخاص الذين كان نتنياهو يرسلهم إليه، وأن الموقع "تعرض للضغط الشديد"، لدرجة أن "المحررين الآخرين، بدؤوا في فرض رقابة ذاتية على الأخبار الخاصة بنتنياهو، وتجنب كتابة تقارير تتضمن انتقادات له".

وأضاف يوشع، أنه ومحرراً كبيراً آخر في الموقع، كانا يلقبان نتنياهو باسم "كيم"، في إشارة إلى زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، موضحاً أنهما فعلا ذلك لشعورهما بالخوف من توجيه التغطية نحو رئيس الوزراء. وقاطعت إيريس إلوفيتش، التي تنفي مثل زوجها ارتكاب أي مخالفات، شهادة يوشع وهي تصرخ قائلة "إلى أي مدى يمكنك أن تكذب؟" وفي وقت سابق قالت صحيفة عبرية، ان مئات من الشهود سيتحدثون بالتفاصيل الدقيقة".

واضافت الصحيفة: "يُتوقع أن تشمل قائمة الشهود الرئيس السابق للموساد (جهاز المخابرات)، تامير باردو، والسفير السابق لدى واشنطن، رون ديرمر، والمدير السابق لجهاز الأمن العام (الشاباك)، يوفال ديسكين". وتابعت: "وأيضا مستشار الأمن القومي السابق عوزي أراد، ورئيس المؤتمر اليهودي العالمي رون لودر، ورجال الأعمال أرنون ميلشان وجيمس باكر وسبنسر بارتريدج".

اضف تعليق