q
ملفات - مجلة النبأ

الإمام المهدي من المهد إلى الظهور

قراءة في كتاب لمؤلفه السيد محمد كاظم القزويني

هذا الوعد الإلهي المؤكد بلام القسم ثلاث مرات وبنون التوكيد ثلاث مرات أيضاً. لم يتحقق إلى يومنا هذا، ومتى كان المؤمنون يتمكنون من الحكم على الناس وتطبيق الإسلام بكل حرية، وبلا خوف من أحد، ثم إن الدين كان ولا يزال مهجوراً ضعيفاً يحاربه كل من...

قليلُ هم الكّتاب النوابغ الذين يشغلون مساحة في التأريخ فيصبحون كالنجوم الزواهر تدل الرائي عليها، أو بعبارة أخرى يسعفون الدليل ويكملون البرهان، ويدعمون الحجة لكل من يبغيها لبلوغ حقيقة أو إثبات حق، فهم بذا يعمرون العقول ويمهدون لها المحّجة، لكي لا تضلْ أو تهوي في مهاوي الإعتساف والخطل، وهم أيضاً نوافذ على العلوم النافعة والفنون الهادفة التي تشع على القلوب نوراً وهداية، ذلك لأنهم غاصوا في بحار المعارف فالتقطوا أثمنها، واقتضوا أنفسها، فنزلوا في مضمار العلماء والمعارف أرقى المنازل، حتى صاروا ريحانة كل أديب، ومنية كل لبيب.

أَحد هؤلاء هو السيد الفاضل والخطيب الماهر والمصنف الباهر السيد كاظم القزويني، المولود سنة 1348هـ، المتوفى سنة 1415هـ، والذي نحن بين يدي مؤلَفهِ (الإمام المهدي من المهد إلى الظهور).

ولد السيد المؤلف – رحمه الله – سنة 1348هـ، ونشأ في كنف أسرة علمية جليلة تعرف بـ(آل القزويني) وشب وترعرع تحت رعاية أبويه، ودخل المدارس الدينية لطلب العلم والتفقه في الدين، فدرس على أساتذة فضلاء وتخرج على أيديهم، ورغب في الخطابة، وقد تحدث صاحب كتاب معجم خطباء كربلاء عن السيد المؤلف، قائلاً:

لقد وهبه الله العبقرية والإرادة القوية ليواظب على عمله في خدمة المنبر الحسيني، وقضى من عمره الشريف سنين طويلة في الخطابة بكماله وآدابه، فصار خبيراً بالمسائل الشرعية، فاذا ارتد بصرك إليه سحرتك، مع بساطته، طلاوة الحديث ودقة النقد للأوضاع الاجتماعية والمساوئ المتفشية، هذا فضلاً عن غزارة علمه وروعة إخلاصه للموقف والكلمة، وتمكن واضح من كتاب الله وحديث رسوله (ص)، كيف لا وهو المخلص الصالح العامل الذي لا تأخذه في الله لومة لائم وهو جّم التواضع لا يتعالى على الغير. ولم تقتصر جهوده في خدمة الخطابة فحسب، بل أغنى ساحة العلم والمعرفة بتصانيف قيمة، إليك طائفة منها:

1- شرح نهج البلاغة 5 أجزاء.

2- فاجعة الطف.

3- الإسلام والتعاليم التربوية.

4- سيرة الرسول الأعظم.

5- علي من المهد إلى اللحد.

6- فاطمة الزهراء من المهد إلى اللحد.

يقول السيد المؤلف في مقدمة كتابه (الإمام المهدي من المهد إلى الظهور):

لقد شاء الله تعالى أن أفتح عيني في بيت يتجلّى فيه الدين والعلم والتقوى ومنذ نعومة أظفاري كنت أعيش في جوٍّ ملطَّف بالصلاح والاعتدال، حتى شعرت بالاندماج والانسجام مع المعتقدات الصحيحة التي صارت عندي كالقضايا البديهية التي لا تقبل الشك. ولا تحتاج إلى كثير من الأدلة والبراهين وذلك لوضوحها. ومن جملة تلك المعتقدات التي تلقيتها فصارت جزءاً مني هو الاعتقاد بوجود الإمام المهدي(عج).

ثم يلفت السيد المؤلف – رحمه الله – الأنظار إلى نكتة مهمة تتعلق بهذا المعتقد الشريف، حيث يقول: (لعلي أكون معذوراً غير ملَوم إذا قسوت في البيان، وأسرفت في التعبير وقلت: إن موقف الكثيرين من علماء الشيعة ومن حملة الأقلام ومفكِّريهم موقف غير مشرف تجاه هذا الواجب العقائدي، وهو التحدث عن الإمام المهدي(عج) وتأليف الكتب المناسبة لهذه الشخصية الملائمة لهذا الموضوع الاسمى، فإن المؤلفات التي تدَّون حول شخصية الإمام المهدي (بصورة مستقلة) وتنزل إلى المطابع ومنها إلى الاسواق أقل من 1/10000 بالنسبة إلى الكتب المطبوعة.

هذا مع العلم أن التأليف حول المهدي(عج) أولى وأوجب من التأليف حول بقية الائمة(ع) لأن الناس كلهم – على اختلاف أديانهم ومذاهبهم -متفقون على اولئك الائمة وعلى انَّهم قد ولدوا وعاشوا وماتوا.

ولكن الإمام المهدي(عج) تختلف حياته وترجمته عن بقية الائمة من حيث الخصوصيات المحيطة بحياته، فترى بعض المسلمين الشَّواذ يعتبره خُرافة، وأنّه لا وجود له، متحدياً بذلك العشرات بل المئات من الأحاديث المدوَّنة في كتب الحديث والتفسير، أو يقول عنه: إنَّه لم يولد بعد، أو، إنه كيف يعيش هذه القرون، ولماذا غاب؟ ومتى يظهر؟ إلى غير ذلك من أنواع الاسئلة والتشكيكات التي يُثيرونها حول شخصية الإمام المهدي(عج).

البشائر في القرآن والسنة النبوية

القرآن الكريم، كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وفيه تبيان لكل شيء، وهو آخر الكتب السماوية، كما أن الإسلام هو آخر الأديان، والرسول المصطفى محمد(ص) هو خاتم النبيين، أترى القرآن لا يذكر هذا الأمر العظيم والحادث الجلل، والشأن الذي يتوقف عليه مصير العالمين، على حين يخبر عن غلبة الروم على الفرس وعن قيام دولة اليهود بالتعاون مع الدول الكبرى؛ (ضربت عليهم الذّلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبلٍ من الناس) آل عمران /112.. أترى القرآن لا يخبر عن ظهور الإمام المهدي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً؛ كلا إن القرآن قد أخبر عن الظهور الشريف، عبر هذه الآيات المباركات المأوَّلة بالإمام المهدي(عج) وظهوره، كما صرح بذلك ائمة أهل البيت(عج) الذين أُنزل القرآن في بيوتهم، وأهل البيت أدرى بالذي فيه، واليك بعض هذه الآيات:

الآية الاولى: (ونريد أنْ نمنَّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمةً ونجعلهم الوارثين) القصص/5.

ويرى السيد المؤلف أن تأويل هذه الآية هو أن المقصود من المستضعفين: هم آل محمد(ع) فقد استضعفهم الناس وظلموهم وقتلوهم وشردوهم وصنعوا بهم ما صنعوا، وقد قال لهم رسول الله (ص): (أنتم المستضعفون بعدي)؛ ويعضد هذا التأويل انّ ألفاظ الآية جاءت جميعاً بصيغة المستقبل لا الماضي، كما أن اسم (فرعون) صار رمزاً لكل سلطان متجبر جائر يتجاوز في ظلمه، فلكل عصر فرعون ولكل أمة فراعنة.

وكذا بالنسبة للآية الثانية: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنّهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم. وليمكنَّنَّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم) النور/ 5.

إذ يرى بأنّ هذا الوعد الإلهي المؤكد بلام القسم ثلاث مرات وبنون التوكيد ثلاث مرات أيضاً. لم يتحقق إلى يومنا هذا، ومتى كان المؤمنون يتمكنون من الحكم على الناس وتطبيق الإسلام بكل حرية، وبلا خوف من أحد، ثم إن الدين كان ولا يزال مهجوراً ضعيفاً يحاربه كل من يستطيع محاربته، كما يحدث مثل ذلك في الصين والاتحاد السوفياتي (السابق) وبعض البلاد الافريقية والاوربية، وواضح ما يقع في هذه البلاد من الخوف والاضطهاد على المسلمين، إذاً لا بد وأن يكون معنى هذا الوعد الإلهي أن الإسلام سيحكم على الأرض أي جميع الكرة الارضية، وأن جميع المناطق المعمورة سيسودها الإسلام فقط ولا غير، وهذا لنْ يتم إلا على يد الإمام الحجة المنتظر، باذن الله تعالى.

وبنفس الجهة تأوّل الآية الشريفة (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يَرِثُها عبادي الصالحون).. إلى غير ذلك من الآيات الشريفة التي تعاضدت على معنى الظهور الشريف للإمام الحجة، الذي به يكون صلاح المعاد والمعاش.

أما عن البشائر التي جاءت في الأحاديث النبوية بخصوص الإمام المهدي فيمكن الإلماع إلى طائفة يسيرة منها في هذه العجالة السريعة.

فعن حذيفة قال: قال رسول الله(ص): (المهدي رجلٌ من وُلدي، وجهه كالكوكب الدُرِّي)(1)

وعن الإمام محمد بن علي الباقر عن آبائه عن أمير المؤمنين علي بن ابي طالب(ع) قال: قال رسول الله (ص): (المهدي من ولدي، يكون له غيبة، وحيرة تضل فيها الأمم، يأتي بذخيرة الانبياء(ع) فيملؤها عدلاً وقسطاً كما ملئت جورا وظلماً) (2)

وهذا نزرٌ قليل من أحاديث جمّة جاءت من طرق الخاصة والعامة وبأسانيد لا غبار على قوتها، تبشر المؤمنين بظهور الإمام الحجة بن الحسن، ليقيم حكومة العدل الالهي التي يستريح في ظلها الصالح ويُستراح من كل ما هو طالح، ويشمل الخير والسعادة جميع اقطار المعمورة.

كيف تخضع له الدول والحكومات؟

بديهيٌ أن الحكومات والدول إنما تتكون من أفراد يشكلون الهيئة الحاكمة، ومن الطبيعي أن كل فرد منهم يدرك الأمور ويفهم الواقع.

والحكومات تعتمد على الاسلحة والعتاد، والاسلحة بيد الجيش، وهي تعتمد أيضاً على القوات المسلحة كالشرطة والجيش الشعبي والانضباط العسكري، وهذه هي الأجهزة التي تعتمد عليها الدول والحكومات وتتقوى بها وتواجه بها الأعداء..

إن الحكومات تخاف من جيوشها أكثر من خوفها من جيوش الأعداء، إذ كيف يمكن لها أن تواجه الجيش اذا تمرّد كلّه أو اكثره.. ولقد ذكر الرسول الأكرم (ص) في جملة أحاديثه المتواترة انّ الإمام الحجة يخرج بالسيف، وهذه الكلمة اتخذها الجاهلون هزواً، وراحوا يقولون مستهزئين: ما فائدة السيف بازاء الأسلحة الفتاكة التي إنْ أُطلقت لا تبقي ولا تذر، كالقنابل على اختلاف أنواعها والصواريخ القريبة والبعيدة المدى، وغير ذاك من أسلحة الإبادة الجوية والبرية والبحرية.

سبيل الرد على ذلك يسير، إذ قد ثبت أن الله رفع نبيه عيسى(ع) إلى السماء، بدليل قوله سبحانه وتعالى: (وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله، وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبّه لهم... وما قتلوه يقيناً بل رفعه الله إليه) (3)، كما أنّ الأحاديث حول صعود عيسى بن مريم (ع) إلى السماء كثيرة، وأنه موجود في السماء حيٌّ يرزق، وقد مضى على صعوده اكثر من ألف وتسعمائة سنة، وتلك الأحاديث تصرح بأن النبي عيسى(ع) ينزل من السماء عند ظهور الإمام المهدي(عج)، وأنه يقتدي بالإمام في الصلاة.

فانظر إلى حكمة الله البالغة وتدبيره العظيم، حيث رفع عيسى(ع) إلى السماء ليدخره ليوم عظيم وهدف كبير.

ثم ينبغي أن لا ننسى أن عدد المسيحيين في العالم اليوم يفوق الألف مليون نسمة، فمثلاً: رؤساء وشعوب الدول الأوربية، كلهم أو اكثرهم مسيحيون، واكثر رؤساء وشعوب القارة الأفريقية مسيحيون أيضا، وكذلك الدول الأمريكية الشمالية والجنوبية، هي مسيحية على السواء، وعقيدة المسيحيين في عيسى بن مريم(ع) مشهودة معروفة مذكورة في القرآن فاذا سمع المسيحيون بأن عيسى بن مريم(ع) قد نزل من السماء واقتدى بالإمام المهدي(عج) فهل تبقى في العالم حكومة مسيحية أو شعب مسيحي يحارب الإمام المهدي(عج)؟

رُوي عن الإمام محمد الباقر(ع) أنه قال – في خبر طويل -: … فإذا اجتمع عنده عشرة آلاف رجل، فلا يبقى يهودي ولا نصراني إلا آمن به وصَّدقه) (4) إذن، بناء على ذلك.. فسوف تتعطل الأسلحة عن الاستعمال؛ إذْ تنتفي الحاجة إليها..

أما اليهود فانهم يجتمعون عند الإمام المهدي(عج) فيُخرج لهم ألواح التوراة المدفونة في بعض الجبال، فيجدون فيها أوصاف الإمام وعلائمه، فلا يبقى يهودي إلاّ ويعتنق دين الإسلام، هذا وقد جاء عن الإمام الباقر(ع) أنه قال: (…إنما سُمِّي المهدي لأنه يُهدى إلى أمر خفي، ويستخرج التوراة والإنجيل من أرض يقال لها إنطاكية) (5).

وأما سائر الأديان والملل، فمن الواضح أن هذا التبدل المفاجئ العظيم الذي سوف يحصل في الدول والشعوب، سيترك أثراً كبيراً على الحكومات اللادينية، كالصين والكثير من بلاد الشرق الأقصى، فهي عند ذلك لا تستطيع أن تتجاهل هذه الحقيقة التي تغيّر مجرى حياة العالم..

وأما الشيعة الذين يُقدر عددهم بنصف إجمالي عدد المسلمين في العالم، فمن الطبيعي سيكونون في طليعة الشعوب التي تلتف حول الإمام المهدي(عج) وتنضوي تحت لوائه.. وهكذا يسود الإسلام والسلام في كافة بقاع الأرض، وتدخل الشعوب والحكومات في دين الله أفواجاً، خاصة إذا تذكرنا أن الشعوب المختلفة ستمل جميع الحضارات المزيَّفة، وسائر النظريات الفاشلة، لا سيما بعد ما يثقل الإرهاب والدمار وشبح الإبادة كاهل هذه الشعوب التي سيؤول حالها إلى انتظار المصلح والمخلِّص الذي ينتشلها من براثن الخوف والبطش والترهيب..

حكم الإمام المهدي(عج)

موضوع حكم الإمام المنتظر(عج) يدور حول نقطتين:

الأولى: إصدار الاحكام ووضع القوانين والتعليمات في مختلف المجالات.

الثانية: القضاء بين الناس، سواء ترافع إليه الخصمان أم لا.

بالنسبة إلى النقطة الأولى فإن جميع القوانين غير الاسلامية تُلغى وينتهي العمل بها إلى الأبد، وتأتي الاحكام الاسلامية – المنبعثة عن القرآن والسنة النبوية الصحيحة وتسود العباد والبلاد وتُطبق على المجتمعات.

أما عن قضائه(عج) بين الناس، فيمتاز عن قضاء أجداده الطاهرين(ع) بمزية خاصة وهي: أنّه يحكم بعلمه واطّلاعه بالحوادث والوقائع ولا ينتظر شهادة الشهود، ولا الأدلة التي تثبت الإدعاء، فهو(عج) كما جاء في الحديث المتواتر المروي عن رسول الله(ص) يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن تُملأ ظلماً وجوراً.

وطبيعي أن الإمام الذي يريد أن يجتث كل ظلم، ويقلع جذور الفساد والطغيان في كل مكان وعن جميع بني البشر، لا يُتوقع منه أن ينتظر حتى يرفع المظلوم إليه شكواه، ويطلب الإمام من المدعي إقامة البينة وإحضار الشهود وابراز الوثائق والمستمسكات وأمثال ذلك، إذْ من الممكن أن يقع الظلم في كثير من بقاع العالم، ولا يستطيع المظلوم أن يرفع أمره إلى الإمام المهدي(عج)، ومن الممكن أيضاً أن يُقتل انسان ظلماً وسّراً، ولا يعلم أحد بقتله، ولا يعرف أحد قاتله، فكيف تملأ الأرض قسطاً وعدلاً؟

وهكذا فان الإمام المهدي(عج) يقيم الحدَّ، ويقتص ويعزر من صدر منه ما يوجب القصاص أو التعزير، حتى إذا لم يشهد الشهود ولم تقم البيّنة، وسيكون هذا هو الرادع القوي لكل من يريد ارتكاب الجرائم، وبهذا يتورع الناس عن كل انحراف، في جميع المجالات، قال الإمام الصادق(ع): (إذا قام قائم آل محمد، حكم بين الناس بحكم داود، لا يحتاج إلى بينة، يلهمه الله تعالى، فيحكم بعلمه، ويخبر كل قوم بما استبطنوه) (6).

حياة المجتمع في عصر الإمام المهدي(عج)

يعتبر عصر الإمام المهدي(عج)- بعد ظهوره وقيامه –من أفضل عصور الكرة الأرضية منذ خلق الله الأرض، أو منذ خلق آدم(ع).. وعصره هو عصر العلم والنور، لا العصور التي نحن نعيشها اليوم، والتي هي عصور ظلمات الجهل والفقر، والانحراف والفجائع، والجور والضلالة..

وعند قيام الإمام المهدي(عج) يرحل الفقر عن المجتمع البشري ويزول الحرمان، وتنحل العقد النفسية، وتنقلب الأحزان أفراحاً، وينقلب جحيم الحياة نعيماً، والذبول المستولي على الوجوه يتبدل طراوة ونضارة، والخوف يرتفع والأمان يسود العالم والعدالة تخيم على رؤوس البشر، والظلم يتلاشى، فلا ترى ظالماً ولا مظلوماً، والمسلمون تتحقق أمنياتهم، والسلام يشمل الكرة الأرضية والاسلام ينتشر في كل بقاع الأرض.. كل ذلك ببركات نهضة الإمام المهدي(عج) وقيامه وانجازاته، وخطواته الاصلاحية، ومشاريعه العمرانية، وتعاليمه القيمة، وتطبيقه للقوانين الالهية، وعلى الإجمال فان الإمام (عج) يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن تملاً ظلماً وجوراً.. والشق الثاني من الجملة هو علة للشق الأول كما لا يخفى.

والى ذلك، يُستفاد من الأحاديث الشريفة الكثيرة أن تطوراً عظيماً وتبدلاً كبيراً سوف يحدث في المجتمعات كلها – في ارجاء الكرة الأرضية – وسوف تتغير صورة الحياة إلى صور أخرى رائعة، في جميع مظاهرها ومرافقها.

وسيشمل التطور والازدهار جميع ميادين الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية.. وغاية ما في القول أن عصر الإمام الحجة هو من أزهى واجمل العصور التي عرفتها البشرية منذ بداية عهدها.

* مقال نشر في مجلة النبأ-العدد 51 - شعبان1421/تشرين الثاني 2000

...................................
1- كنز العمال/ج7.
2- فرائد السمطين.
3- سورة النساء/157-158.
4- كتاب العرائس الواضحة لعبد الهادي الابياري/ص209.
5- كتاب عقد الدرر.
6- بحار الانوار/ج52 ص339.

اضف تعليق