q
ملفات - شهر رمضان

الأُمَّة المُتقاعِسة

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ الثَّامِنَةُ (16-17)

فقدت أَسباب الفَوز بالصِّراع بينَ الحقِّ والباطل فكانت النَّتيجة الطبيعيَّة أَنَّها خسِرت قيادة الإِمام لصالحِ سُلطة الطَّاغية، وهوَ الأَمرُ الذي تتحمَّل مسؤُوليَّتهُ كاملةً وتحمَّلت تبِعاتهُ. فلا يكفي أَن تَكُونَ القيادة على بيِّنةٍ إِذا كانَ المُجتمعُ أَعمى البصيرة! فالأُمَّة المُتقاعِسة تلهث خلف موكِب الزَّعيم الفاسد والفاشل...

{مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا}.

في ذكرى مولدِ الإِمام الحسن المُجتبى السِّبط (ع) [١٥ رمضان للسَّنة الثَّالثة من الهِجرة] ننشغلُ عادةً بالتَّساؤُل الأَكثر إِثارة فيما يخصُّ تنازلهِ (ع) عن الخِلافة للطَّاغية الطَّليق مُعاوية بن أَبي سُفيان؛ هل يُمكنُ أَن يتكرَّر المشهد فيخسر المُجتمع قيادةً شرعيَّةً لصالحِ طُغاةٍ [إِتَّخذُوا عبادَ الله خوَلاً ومالَ الله نحلاً وكتابَ الله دغلاً] كما يصفهُم رسولُ الله (ص)؟!.

أَوَّلاً؛ أَن تكونَ على حقٍّ لا يكفي لتكسبَ جَولة التحدِّيات التي تمرُّ بها سواءً مع الفسادِ أَو مع الظُّلم بشَكلٍ عام.

ثانِياً؛ للصِّراع بَين الحقِّ والباطل شرُوطٌ وأَدواتٌ شاءَ الله تعالى أَن يتمكَّن منهُ مَن يأخذ بها {كُلًّا نُّمِدُّ هَٰؤُلَآءِ وَهَٰؤُلَآءِ مِنْ عَطَآءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا}.

ثالثاً؛ الكَثرةُ والقِلَّة لا علاقةَ لها بتحديدِ هويَّةِ المُنتصر، يقُولُ عزَّ وجلَّ {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}.

خاصَّةً في عصرِنا الحاضر الذي دخلت عوامِلَ كثيرة غَير العدد في تحديدِ هويَّةِ النَّاجح أَو الفائز بغضِّ النَّظرِ عن طبيعةِ هذهِ العواملِ والأَدواتِ.

وما نراهُ اليَوم مثلاً في العراقِ في ظلِّ نظامٍ نيابيٍّ يدورُ مدار [الكُتلة النيابيَّةِ الأَكثرُ عدداً] واحدةٌ من مصاديقِ ذلك.

فالكُتلةُ الأَكثرُ عدداً مشلولةً عاجزةً جبانةً بسببِ خلافاتِها التي مزَّقتها كمصداقٍ لقَولِ الله تعالى {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ} فبسببِ نِزاعاتِها طارت إِرادتها وعزيمتها إِذا بها ريشةٌ في مهبِّ الرِّيحِ!.

وبالعَودةِ إِلى حالِ الأُمَّة في عهدِ أَميرِ المُؤمنينَ (ع) وإِبنهِ الإِمام الحسن المُجتبى (ع) فسنجد أَنَّها فقدت أَسباب الفَوز بالصِّراع بينَ الحقِّ والباطل فكانت النَّتيجة الطبيعيَّة أَنَّها خسِرت قيادة الإِمام لصالحِ سُلطة الطَّاغية، وهوَ الأَمرُ الذي تتحمَّل مسؤُوليَّتهُ كاملةً وتحمَّلت تبِعاتهُ.

يقولُ الإِمامُ الحَسن المُجتبى (ع) يصفُ حال الأُمَّة المهزُومة {انّي رأيتُ هَوى مُعظمِ النَّاسِ في الصُّلحِ، وكرِهُوا الحرْبَ، فلم أُحِبُّ أَنْ أَحمِلهُم على ما يكرَهون} وهو المنهج القُرآني الذي يُجسِّدهُ أَهلُ البَيت (ع) إِذ يقولُ تعالى {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ}.

فلا يكفي أَن تَكُونَ القيادة على بيِّنةٍ إِذا كانَ المُجتمعُ أَعمى البصيرة! فالأُمَّة المُتقاعِسة التي تتثاقل إِلى الأَرض أَو تلهث خلف موكِب الزَّعيم الفاسد والفاشل وهي تصرخ بأَعلى صوتِها [علي وياك علي] و [بالرُّوح بالدَّم] ليسَ بإِمكانِ [الإِمام] أَن يُراهنَ عليها في تحقيقِ الانتصارِ على الباطل.

يقولُ تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ* إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.

لقد ابتُلي الإِمام (ع) بمُجتمعٍ تميَّز بكُلِّ أَسباب الفشل؛

أ/ التردُّد والتقلُّب في إِتِّخاذ المواقف، فلم يكُن مُجتمع الإِمام يعرف ما الذي يريدهُ وما الذي عليهِ فِعلهُ، وكانَ يتذرَّع بأَيِّ شيءٍ [غَير معقول وغَير منطقي] للتهرُّب من المسؤُوليَّة.

يقولُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) {فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ فِي أَيَّامِ الْحَرِّ قُلْتُمْ هَذِهِ حَمَارَّةُ الْقَيْظِ أَمْهِلْنَا يُسَبَّخْ عَنَّا الْحَرُّ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ فِي الشِّتَاءِ قُلْتُمْ هَذِهِ صَبَارَّةُ الْقُرِّ أَمْهِلْنَا يَنْسَلِخْ عَنَّا الْبَرْدُ كُلُّ هَذَا فِرَاراً مِنَ الْحَرِّ وَالْقُرِّ فَإِذَا كُنْتُمْ مِنَ الْحَرِّ وَالْقُرِّ تَفِرُّونَ فَأَنْتُمْ وَاللَّهِ مِنَ السَّيْفِ أَفَرُّ}.

ب/ يجمعهُم الكلام والخِطاب والشِّعارات والهِتافات واللَّغو ويُفرِّقهُم الفِعل والعمل والإِنجاز.

يقول (ع) {أَيُّهَا النَّاسُ الْمُجْتَمِعَةُ أَبْدَانُهُمْ الْمُخْتَلِفَةُ أَهْوَاؤُهُمْ كَلَامُكُمْ يُوهِي الصُّمَّ الصِّلَابَ وَفِعْلُكُمْ يُطْمِعُ فِيكُمُ الْأَعْدَاءَ تَقُولُونَ فِي الْمَجَالِسِ كَيْتَ وَكَيْتَ فَإِذَا جَاءَ الْقِتَالُ قُلْتُمْ حِيدِي حَيَادِ مَا عَزَّتْ دَعْوَةُ مَنْ دَعَاكُمْ وَلَا اسْتَرَاحَ قَلْبُ مَنْ قَاسَاكُمْ أَعَالِيلُ بِأَضَالِيلَ}.

ويُضيفُ (ع) {أَيَّتُهَا النُّفُوسُ الْمُخْتَلِفَةُ وَالْقُلُوبُ الْمُتَشَتِّتَةُ الشَّاهِدَةُ أَبْدَانُهُمْ وَالْغَائِبَةُ عَنْهُمْ عُقُولُهُمْ أَظْأَرُكُمْ عَلَى الْحَقِّ وَأَنْتُمْ تَنْفِرُونَ عَنْهُ نُفُورَ الْمِعْزَى مِنْ وَعْوَعَةِ الْأَسَدِ هَيْهَاتَ أَنْ أَطْلَعَ بِكُمْ سَرَارَ الْعَدْلِ أَوْ أُقِيمَ اعْوِجَاجَ}.

كلَّ هذا التِّيه في بلادِنا

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا ۖ قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا ۖ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}.

هذه واحِدةٌ من أَشدِّ الحالاتِ خطراً التي تُصيبُ مِجتمعاً ما؛ يواجِهُ تحدِّياً بالحِججِ والبراهين والأَسباب الكافيةِ، ثمَّ يتمنَّى لَو! وعندما يتحقَّق الأَمرُ ينقلِبُ على عقِبَيهِ ويتهرَّب من الإِستحقاق!.

إِنَّهُ لم يلتزم بما أَلزمَ بهِ نفسه، فكيف يُلزِمُهُ الآخرُون؟! وقاعدةُ العُقلاء تنصُّ على أَنَّهُ {أَلزِمُوهُم بما أَلزَمُوا بِهِ أَنفُسَهُم} كما يَقُولُ الإِمام جعفر بن مُحمَّد الصَّادق (ع).

ويبدو لي أَنَّ من أَسبابِ هذهِ الحالة أَنَّهُ مُجتمعٌ قلِقٌ مُنافق وهو لا يُفكِّر بخُططٍ حسبَ قُدُراتهِ وإِمكانيَّاته.

فضلاً عن إِصابتهِ بعمى الرُّؤية الذي لا يدعهُ يحسب للثَّمنِ المطلوب دفعهُ حسابهُ عندما يُخطِّط أَو يتمنَّى!.

نعُودُ إِلى حالاتِ [مُجتمعِ الإِمام] الذي تحدَّثنا عنهُ في الجُزء الماضي، والتي قُلنا عنها أَنتجت التَّنازُل عن السُّلطةِ.

ج/ يهتفُ بأَعلى صوتهِ إِذا كانَ مُسترخِياً ويطُولُ لسانهُ بالفلسفةِ والتَّنظير ويكثرُ تململهُ من باطلِ طاغيَةِ الشَّام ولكنَّكَ لا تسمع لهُ حسيساً إِذا جدَّ الجِد.

يقولُ (ع) {يَا أَشْبَاهَ الرِّجَالِ وَلَا رِجَالَ حُلُومُ الْأَطْفَالِ وَعُقُولُ رَبَّاتِ الْحِجَالِ لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَرَكُمْ وَلَمْ أَعْرِفْكُمْ مَعْرِفَةً وَاللَّهِ جَرَّتْ نَدَماً وَأَعْقَبَتْ سَدَماً قَاتَلَكُمُ اللَّهُ لَقَدْ مَلَأْتُمْ قَلْبِي قَيْحاً وَشَحَنْتُمْ صَدْرِي غَيْظاً وَجَرَّعْتُمُونِي نُغَبَ التَّهْمَامِ أَنْفَاساً وَأَفْسَدْتُمْ عَلَيَّ رَأْيِي بِالْعِصْيَانِ وَالْخِذْلَانِ}.

ويُضيفُ (ع) كنتيجةٍ طبيعيَّةٍ {لَوَدِدْتُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ صَارَفَني بِكُمْ صَرْفَ الدِّينَارِ بِالدِّرْهَمِ، فَأَخَذَ مِنِّي عَشَرَةً مِنْكُمْ، وَأَعْطَانِي رَجُلا مِنْهُمْ}.

د/ يتمنى أَن لَو أَنزل الله تعالى عليهِ النَّصر من دونِ جُهدٍ أَو جهادٍ {فَلَا أَمْوَالَ بَذَلْتُمُوهَا لِلَّذِي رَزَقَهَا وَلَا أَنْفُسَ خَاطَرْتُمْ بِهَا لِلَّذِي خَلَقَهَا تَكْرُمُونَ بِاللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ وَلَا تُكْرِمُونَ اللَّهَ فِي عِبَادِهِ} كما يصفهُ (ع) فيما يصفُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) أَداة النَّصر بقولهِ {لَا يَمْنَعُ الضَّيْمَ الذَّلِيلُ وَلَا يُدْرَكُ الْحَقُّ إِلَّا بِالْجِدِّ}.

يقولُ (ع) يصفُ تقاعُسهُم {وَقُلْتُ لَكُمُ اغْزُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يَغْزُوكُمْ فَوَاللَّهِ مَا غُزِيَ قَوْمٌ قَطُّ فِي عُقْرِ دَارِهِمْ إِلَّا ذَلُّوا فَتَوَاكَلْتُمْ وَتَخَاذَلْتُمْ حَتَّى شُنَّتْ عَلَيْكُمُ الْغَارَاتُ وَمُلِكَتْ عَلَيْكُمُ الْأَوْطَانُ}.

ويضيف (ع) {أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْجِهَادَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ فَتَحَهُ اللَّهُ لِخَاصَّةِ أَوْلِيَائِهِ وَهُوَ لِبَاسُ التَّقْوَى وَدِرْعُ اللَّهِ الْحَصِينَةُ وَجُنَّتُهُ الْوَثِيقَةُ فَمَنْ تَرَكَهُ رَغْبَةً عَنْهُ أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ الذُّلِّ وَشَمِلَهُ الْبَلَاءُ وَدُيِّثَ بِالصَّغَارِ وَالْقَمَاءَةِ وَضُرِبَ عَلَى قَلْبِهِ بِالْإِسْهَابِ وَأُدِيلَ الْحَقُّ مِنْهُ بِتَضْيِيعِ الْجِهَادِ وَسِيمَ الْخَسْفَ وَمُنِعَ النَّصَفَ}.

لسانُ حالهِم، إِذن، ما قالهُ بنو إِسرائيل لنبيِّهم {قَالُواْ يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَٰخِلُونَ} وقَولهُم {قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا ۖ فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}.

هـ/ يناقضُ [إِيمانهُم] واقعهُم كما يصفهُ (ع) {وَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَظُنُّ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ سَيُدَالُونَ مِنْكُمْ بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى بَاطِلِهِمْ وَتَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ وَبِمَعْصِيَتِكُمْ إِمَامَكُمْ فِي الْحَقِّ وَطَاعَتِهِمْ إِمَامَهُمْ فِي الْبَاطِلِ وَبِأَدَائِهِمُ الْأَمَانَةَ إِلَى صَاحِبِهِمْ وَخِيَانَتِكُمْ وَبِصَلَاحِهِمْ فِي بِلَادِهِمْ وَفَسَادِكُمْ فَلَوِ ائْتَمَنْتُ أَحَدَكُمْ عَلَى قَعْبٍ لَخَشِيتُ أَنْ يَذْهَبَ بِعِلَاقَتِهِ}.

ويضيفُ (ع) {أُفٍّ لَكُمْ لَقَدْ سَئِمْتُ عِتَابَكُمْ أَ رَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ عِوَضاً وَبِالذُّلِّ مِنَ الْعِزِّ خَلَفاً إِذَا دَعَوْتُكُمْ إِلَى جِهَادِ عَدُوِّكُمْ دَارَتْ أَعْيُنُكُمْ كَأَنَّكُمْ مِنَ الْمَوْتِ فِي غَمْرَةٍ وَمِنَ الذُّهُولِ فِي سَكْرَةٍ يُرْتَجُ عَلَيْكُمْ حَوَارِي فَتَعْمَهُونَ وَكَأَنَّ قُلُوبَكُمْ مَأْلُوسَةٌ فَأَنْتُمْ لَا تَعْقِلُونَ مَا أَنْتُمْ لِي بِثِقَةٍ سَجِيسَ اللَّيَالِي وَمَا أَنْتُمْ بِرُكْنٍ يُمَالُ بِكُمْ وَلَا زَوَافِرُ عِزٍّ يُفْتَقَرُ إِلَيْكُمْ مَا أَنْتُمْ إِلَّا كَإِبِلٍ ضَلَّ رُعَاتُهَا فَكُلَّمَا جُمِعَتْ مِنْ جَانِبٍ انْتَشَرَتْ مِنْ آخَرَ لَبِئْسَ لَعَمْرُ اللَّهِ سُعْرُ نَارِ الْحَرْبِ أَنْتُمْ تُكَادُونَ وَلَا تَكِيدُونَ وَتُنْتَقَصُ أَطْرَافُكُمْ فَلَا تَمْتَعِضُونَ لَا يُنَامُ عَنْكُمْ وَأَنْتُمْ فِي غَفْلَةٍ سَاهُونَ غُلِبَ وَاللَّهِ الْمُتَخَاذِلُونَ وَايْمُ اللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّ بِكُمْ أَنْ لَوْ حَمِسَ الْوَغَى وَاسْتَحَرَّ الْمَوْتُ قَدِ انْفَرَجْتُمْ عَنِ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ انْفِرَاجَ الرَّأْسِ وَاللَّهِ إِنَّ امْرَأً يُمَكِّنُ عَدُوَّهُ مِنْ نَفْسِهِ يَعْرُقُ لَحْمَهُ وَيَهْشِمُ عَظْمَهُ وَيَفْرِي جِلْدَهُ لَعَظِيمٌ عَجْزُهُ ضَعِيفٌ مَا ضُمَّتْ عَلَيْهِ جَوَانِحُ صَدْرِهِ أَنْتَ فَكُنْ ذَاكَ إِنْ شِئْتَ فَأَمَّا أَنَا فَوَاللَّهِ دُونَ أَنْ أُعْطِيَ ذَلِكَ ضَرْبٌ بِالْمَشْرَفِيَّةِ تَطِيرُ مِنْهُ فَرَاشُ الْهَامِ وَتَطِيحُ السَّوَاعِدُ وَالْأَقْدَامُ وَيَفْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ ما يَشاءُ}.

و/ مُجتمعٌ مُبهَمٌ مُتقلِّبٌ ومُتردِّدٌ، يُصرُّ على شيءٍ ثُمَّ ينقلبُ عليهِ مُحمِّلاً الإِمام المسؤُوليَّة هرباً منها كما هو الحال في [التَّحكيم] الذي وصفهُ الإِمام (ع) بقَولهِ {وَقَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ هَذِهِ الْحُكُومَةِ فَأَبَيْتُمْ عَلَيَّ إِبَاءَ الْمُنَابِذِينَ حَتَّى صَرَفْتُ رَأْيِي إِلَى هَوَاكُمْ وَأَنْتُمْ مَعَاشِرُ أَخِفَّاءُ الْهَامِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ وَلَمْ آتِ لَا أَبَا لَكُمْ بُجْراً وَلَا أَرَدْتُ لَكُمْ ضُرّاً}.

وبسببِ ذلكَ يصفهُم (ع) بقَولهِ {الْمَغْرُورُ وَاللَّهِ مَنْ غَرَرْتُمُوهُ وَمَنْ فَازَ بِكُمْ فَقَدْ فَازَ وَاللَّهِ بِالسَّهْمِ الْأَخْيَبِ وَمَنْ رَمَى بِكُمْ فَقَدْ رَمَى بِأَفْوَقَ نَاصِلٍ أَصْبَحْتُ وَاللَّهِ لَا أُصَدِّقُ قَوْلَكُمْ وَلَا أَطْمَعُ فِي نَصْرِكُمْ وَلَا أُوعِدُ الْعَدُوَّ بِكُمْ مَا بَالُكُمْ مَا دَوَاؤُكُمْ مَا طِبُّكُمْ الْقَوْمُ رِجَالٌ أَمْثَالُكُمْ أَ قَوْلًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَغَفْلةً مِنْ غَيْرِ وَرَعٍ وَطَمَعاً فِي غَيْرِ حَقٍّ}.

فهل يتكرَّر الحال اليَوم معنا لنرى كلَّ هذا التِّيه في بلادِنا؟!.

اضف تعليق