q
إنسانيات - مجتمع

يوم التسامح الدولي

التسامح ليست منة او عطية يقدمها المتسامح للاخر المختلف، بل هو تعبير عن اعتراف بالاخر ووجوده وخصوصيته وحرية اختلافه، سواء ان كان هذا الاختلاف دينيا او قوميا او طائفيا او سياسيا، فالتسامح وثقافته لا تنبثقان من فراغ، بل لا بُدَّ من التأسيس له...

التسامح ليست منة او عطية يقدمها المتسامح للاخر المختلف، بل هو تعبير عن اعتراف بالاخر ووجوده وخصوصيته وحرية اختلافه، سواء ان كان هذا الاختلاف دينيا او قوميا او طائفيا او سياسيا.

فالتسامح وثقافته لا تنبثقان من فراغ، بل لا بُدَّ من التأسيس له، فهو إذنْ بحاجة الى بيئة حاضنة وتراكم وتربية، ليتحول الى قوة ماديَّة، وقد أسس القرآن الكريم للتسامح في آيات عديدة.

اذ أكد النص القرآني الاعتراف بالأديان وتعددها: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).

وإذا كان هناك من ينظر الى التسامح بأنه ضعفٌ، ويصور ثقافة التسامح بأنها ليست من ثقافتنا، فإنَّ هؤلاء هم أعداء الحياة وأعداء الفطرة السليمة، إذ ينظر هؤلاء على أنَّ أي حديث عن التسامح يقود الى التساهل إزاء العقيدة، فيرد عليهم أحد الباحثين (إنَّ التسامح يحتاج قوة أكبر من الانتقام) فهو تعبير عن ثقة الأمة بنفسها وبدينها.

حاجة دول التنوع الديني والقومي اشد ما تكون للتسامح من غيرها لتستطيع ادارة تنوعها ورعايته، لهذا تسعى هذه الدول الى اعتماد مبدأ المواطنة الذي يساوي بين ابناء المجتمع في الفرص والامتيازات والحقوق والواجبات، اذ يتم التعامل مع المواطنين على اساس الكفاءه والوطنية والمؤهلات بصرف النظر عن الدين والقومية والطائفة.

والعراق وطن التنوع الديني والقومي هو وطن الجميع، مسلمين ومسيحين ومندائيين وأيزيديين وكاكائيين وشبك وبهائيين، وطن العرب والكرد والتركمان وجميع القوميات والاديان الاخرى، فهو مهبط الأديان السماوية وموطنها ومنطلقها.

تحتاج مجتمعات التنوع الاثني الى ايجاد سقف وطني حقوقي يضم الجميع تحت مظلته، يوفر للجماعات تساويا في الحقوق والواجبات. ولا يمكن أن يتكامل هذا الا من خلال منظومة حقوقية قانونية ودستورية تنظم العلاقة بالمجموعات الاجتماعية وايجاد قواعد شراكة عادلة للجميع في الحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية.

وفي العام 1996 دعت الجمعية العامة الدول الأعضاء إلى الاحتفال باليوم الدولي للتسامح في 16 تشرين الثاني، من خلال القيام بأنشطة ملائمة توجه نحو كل من المؤسسات التعليمية وعامة الجمهور، ودعت الامم المتحدة الى التزام الدول الأعضاء والحكومات بالعمل على النهوض برفاه الإنسان وحريته وتقدمه في كل مكان، وتشجيع التسامح والاحترام والحوار والتعاون في ما بين مختلف الثقافات والحضارات والشعوب.

تحتفل دول العالم في (16 تشرين الثاني) باليوم الدولي للتسامح، بوصفه فرصة لتأكيد أهمية تقدير التنوع الديني والطائفي والقومي والسياسي والاختلاف الثقافي، والاستعداد لعدم رفض ما لا نعرفه، والتسامح احد اهم مبادئ التعايش في مجتمعات التنوع.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق